وتكون السلامة مما قد سلف في الإقلاع عنه، وقيل إنما استثنى ما قد مضى ليعلم أنه لم يكن مباحا لهم.
" إنه كان فاحشة " أي زناء " ومقتا " أي بغضا أي يورث بغض الله ويسمى ولد الرجل من امرأة أبيه المقتي ومنهم الأشعث بن قيس وأبو معيط جد الوليد بن عقبة.
قال البلخي: ليس كل نكاح حرمه الله تعالى زنا لأن الزنى هو فعل مخصوص لا يجري على طريقة لازمة وسنة جارية، لذلك لا يقال للمشركين في الجاهلية أولاد زنا ولا لأهل الذمة والمعاهدين أولاد زنا إذا كان عقدا بينهم يتعارفونه.
إنه كان فاحشة " دخلت كان لتدل على أنه كان قبل تلك الحال كذا كان كذا فاحشة، وقول المبرد: إن كان زائدة غير صحيح لأنها لو كانت زائدة لم تعمل، معناه أنه كان فيما مضى أيضا فاحشة ومقتا وكان قد قامت الحجة عليهم بذلك في كل من عقد عليها الأب من النساء أنه يحرم على الابن دخل بها أو لم يدخل بلا خلاف، فإن دخل بها الأب على وجه السفاح فهل يحرم على الابن؟ ففيه خلاف، وعموم الآية يقتضي أنها تحرم عليه لأن النكاح يعبر به عن الوطء كما يعبر به عن العقد فيجب أن يحمل عليهما، وامرأة الأب وإن علا تحرم على الابن وإن نزل بلا خلاف.
فصل:
ثم قال تعالى: حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم،... اعلم أن في الناس من اعتقد أن هذه الآية وما يجري مجراها كقوله تعالى: حرمت عليكم الميتة والدم، مجملة لا يمكن التعلق بظاهرها في تحريم شئ وإنما يحتاج إلى بيان، قالوا: لأن الأعيان لا تحرم ولا تحل وإنما يحرم التصرف فيها، والتصرف مختلف فيحتاج إلى بيان التصرف إلى بيان التصرف المحرم دون التصرف المباح، والأقوى أنها ليست مجملة المجمل هو ما لا يفهم المراد بعينه بظاهره وليست هذه الآية كذلك، لأن المفهوم من ظاهرها تحريم العقد عليهن و الوطء دون غيرهما من أنواع الفعل فلا يحتاج إلى البيان مع ذلك، وكذلك قوله: حرمت عليكم الميتة، المفهوم منه الأكل