بن سليمان أن أناسا كان أحدهم يعطي هذا الرجل منهم أخته ويأخذ أخت الرجل ولا يكون بينهما المهر فيشير بهذا إلى نكاح الشغار فنهى الله عن ذلك، والظاهر يدل على الأول. ثم خاطب الله الأزواج بقوله تعالى: فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا، لأن أناسا كانوا يتأثمون أن يرجع أحدهم في شئ مما ساق إلى امرأته فأنزل الله هذه الآية، عن ابن عباس، وقال أبو صالح: المعنى به الأولياء والمعنى إن طابت لكم أنفسهن بشئ من المهر، ومن لتبيين الجنس، فلو وهبت له المهر نحلة لجاز وكان حلالا بلا خلاف.
فصل:
والأصل في الصداق كتاب الله وسنة رسوله ص، فالكتاب قوله تعالى:
وآتوا النساء صدقاتهن نحلة، وقوله: فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة، وقال: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم، وقال النبي ص: أدوا العلائق، قيل: يا رسول الله ما العلائق؟ قال: ما تراضى به الأهلون، وعليه الاجماع.
ويسمى المهر صداقا وأجرة وفريضة، فإن قيل: كيف سماه الله نحلة وهو عوض عن النكاح؟ فالجواب: أنه مشتق من الانتحال الذي هو التدين، يقال: فلان ينتحل مذهب كذا، فكان قوله تعالى: نحلة، معناه تدينا، وقيل: إنه في الحقيقة نحلة من الله لها لأن حظ الاستمتاع لكل واحد منهما بصاحبه كحظ الآخر، وقيل وجه ثالث، وهو أن الصداق كان للأولياء في شرع من قبلنا بدلالة قول شعيب حين زوج موسى ابنته: على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتمت عشرا فمن عندك، فكان معنى قوله تعالى: نحلة، أي أن الله أعطاهن هذا في شريعة محمد ع.
فإذا ثبت هذا فالمستحب أن لا يعرى نكاح عن ذكر مهر، لأنه إذا عقد مطلقا ضارع الموهوبة وذلك يختص بالنبي ص فلذلك يستحب ذكره، ولئلا يرى الجاهل فيظن أنه يعرى عن المهر ولأن فيه قطعا لمواد الخصومة، ومتى ترك ذكر المهر وعقد النكاح بغير ذلك فالنكاح صحيح إجماعا لقوله تعالى: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم