قوله: من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، راجعا إلى أمهات النساء، وقالوا: تقدير الكلام حرمت عليكم نساؤكم مطلقا وحرمت عليكم ربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، وقالوا: أم المرأة تحرم بالعقد مجردا والربيبة تحرم بشرط الدخول بالأم وهذا هو الصحيح، وقال قوم: هي من صلبهما جميعا، فإن المرأة لا تحرم أمها ما لم يدخل بها أيضا.
والصحيح أن الجملة المقيدة إذا عطفت على الجملة المطلقة لا يجب أن يسري ذلك التقييد إلى الجملة الأولى أيضا ويتحقق هذا من النحو أيضا، فقال الزجاج: وهو قول سيبويه، والمحققين أن الصحيح هو الأول وذلك أن الموصوفين وإن اتفقا في الإعراب فإنهما إذا اختلف العامل فيهما لم يجز أن يوصفا بصفة جامعة، والمثال يجئ من بعد.
و " الربائب " جمع ربيبة وهي بنت الزوجة من غيره ويدخل فيه أولادها وإن نزلن وسميت بذلك لتربيته إياها، ومعناها مربوبة، ويجوز أن تسمى ربيبة سواء تولى تربيتها وكانت في حجره أو لم تكن لأنه إذا تزوج بأمها سمي هو ربيبها وهي ربيبته، والعرب تسمي الفاعلين والمفعولين بما يقع بهم ويوقعونه، يقولون: هذا مقتول وهذا ذبيح وإن لم يقتل بعد ولم يذبح إذا كان يراد قتله أو ذبحه، وكذلك يقولون: هذه أضحية لما أعد للتضحية، فمن قال لا تحرم بنت الزوجة إلا إذا تربت في حجره فقد أخطأ على ما قلناه.
وقوله تعالى: من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، قال المبرد: اللاتي دخلتم به، نعت للنساء اللواتي من أمهات الربائب لا غير، قال: لإجماع الناس أن الربيبة تحل إذا لم يدخل بأمها وأن من أجاز أن يكون قوله تعالى: من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، هو لأمهات نسائكم فيكون معناه أمهات نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فيخرج أن يكون اللاتي دخلتم بهن لأمهات الربائب، قال الزجاج: لأن الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدا، لا يجيز النحويون: مررت بنسائك وهربت من نساء زيد الظريفات، على أن تكون الظريفات نعتا لهؤلاء النساء، لأن الأولى جر بالباء والثانية بالإضافة فكذلك النساء الأولى في الآية جر بإضافة الأمهات إليها والثانية جر بمن، فلا يجوز أن يكون: اللاتي دخلتم بهن، صفة للنساء الأولى والثانية.