وقد صح عن ابن عباس أنه قال: حرم الله من النساء سبعا بالنسب وسبعا بالسبب وتلا الآية، ثم قال: والسابعة من محرمات السبب قوله: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم، وهي امرأة الأب سواء دخل بها أو لم يدخل، وتدخل في ذلك زوجات الأجداد وإن علوا من الطرفين.
باب مقدار ما يحرم من الرضاع وأحكامه ما وراء ذوات المحارم القرابية:
أما الرضاع فإن الله سمى بقوله تعالى: وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم، أمهات للحرمة، ولا يحرم عندنا الرضاع إلا ما نبت اللحم وشد العظم، وإنما يعتبر أقل ذلك بخمس عشرة رضعة متوالية لا يفصل بينهن برضاع امرأة أخرى، أو برضاع يوم وليلة لا يفصل بينهما برضاع امرأة أخرى، وفي أصحابنا من روى تحريم ذلك بعشر رضعات وذلك محمول على شدة الكراهة في ذلك.
ومتى دخل من الرضاع رضاع امرأة أخرى بطل حكم ما تقدم، وحرم الشافعي بخمس رضعات ولم يعتبر التوالي، وإنما اختار خمس الرضعات لما روت عائشة أن عشر رضعات كانت محرمة فنسخن بخمس، وهذا يدل على ما نذهب إليه من خمس عشرة رضعة، لأن النسخ كما توهم الشافعي أنه بالنقصان فإنه يكون بالزيادة، وإنما ذهبنا إلى الزيادة للتفصيل الوارد عن الصادق ع وحرم أبو حنيفة بقليله وكثيره وفي أصحابنا من ذهب إليه والمراد به الكراهية.
واللبن عندنا للفحل لأنه بفعله ثار ونزل، ومعناه إذا أرضعت امرأة بلبن فحل لها صبيانا كثيرين من أمهات شتى فإنهم جميعهم يصيرون أولاد الفحل ويحرمون على جميع أولاده الذين ينتسبون إليه ولادة ورضاعا ويحرمون على أولاد المرضعة الذين ولدتهم، فأما من أرضعته بلبن غير هذا الفحل فإنهم لا يحرمون عليهم.
ثم اعلم أن كل أنثى انتسبت إليها باللبن فهي أمك: لقوله تعالى: وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم، فالتي أرضعتك أو أرضعت امرأة أرضعتك أو رجلا أرضعت بلبانه من زوجته أو أم ولده كلها على ما ذكرناه فهي أمك من الرضاعة، وكذا كل امرأة ولدت امرأة أرضعتك