يؤاخذهم بما فعلوه من نكاح المحرمات وإنما عفا لهم عما سلف.
فصل:
ثم قال تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم، قيل في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها وهو الأقوى: أن المراد به ذوات الأزواج إلا ما ملكت أيمانكم ممن كان لها زوج لأن بيعها طلاقها، قال ابن عباس: طلاق الأمة ست: سبيها وبيعها وعتقها وهبتها و ميراثها وطلاق زوجها.
الثاني: أن المحصنات العفائف إلا ما ملكت أيمانكم بالنكاح أو اليمين، ملك استمتاع بالمهر أو ملك استخدام بثمن الأمة وأصل الإحصان المنع.
والإحصان على أربعة أقسام: أحدها بالزوجية كقوله: و المحصنات من النساء، الثاني بالإسلام كقوله: فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب، الثالث بالعقد كقوله: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء، الرابع يكون بالجزية كقوله: و المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم.
قال البلخي: والآية دالة على أن نكاح المشركين ليس بزنى، لأن قوله تعالى:
والمحصنات من النساء، إذا كان المراد به ذوات الأزواج من أهل الحرب بدلالة قوله: إلا ما ملكت أيمانكم، بسبي فلا خلاف أنه لا يجوز وطء المسبية بعد استبرائها بحيضة.
وقوله: كتاب الله عليكم، نصب على المصدر من غير فعله وفيه معناه كأنه قال حرم الله ذلك كتابا من الله أو كتب كتابا، وعن الزجاج أنه نصب على جهة الأمر ويكون " عليكم " مفسرا والمعنى ألزموا كتاب الله، وعلى الإغراء والعامل محذوف لأن عليكم لا يعمل فيما قبله.