والبيع دون النظر إليها أو ما جرى مجراه، كيف وقد تقدم هذه الآية ما يكشف عن أن المراد ما بيناه من قوله تعالى: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم، فلما قال بعده: حرمت عليكم أمهاتكم، كان المفهوم أيضا تحريم نكاحهن. ويطلب الكلام فيه من أصول الفقه.
فصل:
قال ابن عباس: حرم الله في هذه الآية سبعا بالنسب وسبعا بالسبب، فالمحرمات من النسب: الأمهات ويدخل في ذلك أمهات الأمهات وإن علون وأمهات الآباء كذلك، والبنات ويدخل في ذلك بنات الأولاد، أولاد البنين وأولاد البنات وإن نزلن والأخوات سواء كن لأب وأم أو لأب أو لأم، وكذا العمات والخالات وإن علون من جهة الأب كن أو من جهة الأم وبنات الأخ وبنات الأخت وإن نزلن، وكل من يقع عليه اسم بنت حقيقة أو مجازا تحرم لقوله تعالى: وبناتكم، وكذا من يقع عليه اسم العمة لقوله تعالى: و عماتكم، وكذلك كل من كان خالته حقيقة وهي أخت أمه أو مجازا وهي أخت جدته أي جدة كانت من قبل أمها فأختها خالته وتحرم عليه، لقوله تعالى: وخالاتكم.
والمحرمات بالسبب: الأمهات من الرضاعة والأخوات أيضا من الرضاعة وكل من يحرم بالنسب يحرم مثله بالرضاع، فنص الله من جملتهن على الأمهات والأخوات بظاهر اللفظ ودل بفحواه على أن من عداهما ممن تحرم بالنسب كهما، لأن تلك إذا صارت بالرضاع أما وهذه أختا فالعمة والخالة يصيران عمة وخالة وكذلك من سواهما، ولذلك قال عليه السلام: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
فصل:
ثم قال تعالى: وأمهات نسائكم، فأمهات النساء يحرمن بنفس العقد وإن لم يدخل بالبنت على رأي أكثر الفقهاء وبه قال ابن عباس والحسن وعطاء، وقالوا: هي مبهمة وخصوا التقييد بقوله: وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، ووروا عن علي ع وزيد بن ثابت: أنه يجوز العقد على الأم ما لم يدخل بالبنت ولم يجعلوا