لو كان معهما نص على وجه من الوجوه لم يكن ذلك منهما قياسا ولا اجتهادا. وهذا واضح بحمد الله.
على أن أكثر الآيات التي نتكلم عليها في هذا المعنى، فهو ما نبهنا عليه الأئمة من آل محمد ع، وهم معدن التأويل ومنزل التنزيل.
فصل:
اعلم أن الأدلة كلها أربعة: حجة العقل والكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب - وهو غرضنا ههنا - فهو القرآن في دلالته على الأحكام الشرعية، والمستدل بالكتاب على ما ذكرناه يحتاج أن يعرف من علومه خمسة أصناف: العام والخاص، والمحكم والمتشابه، والمجمل والمفسر، والمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ.
أما العموم والخصوص فلئلا يتعلق بعموم قد دخله التخصيص، كقوله تعالى:
ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، وهذا عام في كل مشركة حرة كانت أو أمة. وقوله:
والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، خاص في الحرائر فقط، فلو تمسك بالعموم غلط. وكذلك قوله: فاقتلوا المشركين، عام، وقوله: من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية، خاص في أهل الكتاب.
وأما المحكم والمتشابه فليقضي بالمحكم ويفتي به دون المتشابه.
وأما المجمل والمفسر فليعمل بالمفسر كقوله تعالى: وأقيموا الصلاة، وهذا غير مفسر، وقوله فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، مفسر بإجماع المفسرين لأنه فسر الصلوات الخمس، لأن قوله " حين تمسون " يعني المغرب والعشاء الآخرة، و " حين تصبحون " يعني الصبح، و " عشيا " يعني العصر، و " حين تظهرون " الظهر.
وأما المطلق والمقيد فليبني المطلق على المقيد إذا كانا في حكم واحد، كقوله تعالى " واستشهدوا شهيدين من رجالكم " فهذا مطلق في العدل والفاسق، وقوله " وأشهدوا ذوي عدل منكم " مقيد بالعدالة، فيبنى المطلق عليه.
وأما الناسخ والمنسوخ فليقضي بالناسخ دون المنسوخ، كآية العدة بالحول والآية التي