وليعلم أن محل النزاع ما إذا لم يصل في أول الوقت حتى تبدل عنوانه من الحضور إلى السفر، أو بالعكس، وأما إذا أتى بصلاته قبل تبدل عنوانه فهي تقع صحيحة بلا خلاف بينهم.
وبالجملة إذا كان في أول الوقت حاضرا مثلا فلا خلاف بينهم في أنه يجوز له أن يأتي بصلاته تامة، وتجزي قطعا وإن كان ناويا للسفر، ولا يجب عليه التأخير إلى أن يسافر. وكذلك في عكس المسألة يجوز له أن يأتي بصلاته في السفر قصرا، وتجزي البتة وإن كان يعلم بتحقق الحضور قبل مضي الوقت.
فمحل الكلام ما إذا لم يصل حتى تبدل عنوانه.
إذا عرفت محل النزاع فنقول: ينبغي أولا بيان ما يقتضيه القاعدة مع قطع النظر عن الأخبار الواردة في المقام:
فلأحد أن يقول: إن مقتضى القاعدة مراعاة حال الأداء. بتقريب أن إطلاق ما دل على وجوب الإتمام على الحاضر يشمل من كان حاضرا في بعض الوقت أيضا، وكذلك إطلاق ما دل على وجوب القصر على المسافر يشمل من كان مسافرا في بعض الوقت. ثم إن تخير المكلف بين أجزاء الوقت تخير عقلي لا شرعي، إذ هو مكلف مثلا بإيجاد طبيعة صلاة الظهر المقيدة بوقوعها بين الحدين، أعني من الزوال إلى الغروب، وهذه الطبيعة المقيدة كما يكون لها أفراد عرضية فكذلك لها أفراد طولية حسب أجزاء الوقت، والحاكم بتخير المكلف بين أفراد الطبيعة هو العقل. وعلى هذا فمقتضى هذا التخيير العقلي وهذين الإطلاقين هو أن المصلي يتخير بين أن يوجد الطبيعة في أول الوقت أو في آخره وأنه يجب عليه أن يراعي حاله حين أداء الصلاة، فإن كان حاضرا كان مصداق الصلاة في حقه أربع ركعات، وإن كان مسافرا كان مصداقها في حقه ركعتين، فتدبر.
ولقائل أن يقول: إن مقتضى القاعدة مراعاة حاله في أول الوقت، أعني حال