يتعلق بكل واحدة منهما أمر مستقل، لما عرفت من عدم كون القصر والإتمام من العناوين القصدية، (1) بل الأمر تعلق بنفس طبيعة صلاة الظهر مثلا، وكل واحد من المسافر والحاضر مأمور بإيجاد هذه الطبيعة، واختلافهما إنما هو في مصداق هذه الطبيعة ومنشأ انتزاعها، فمصداقها بالنسبة إلى المسافر ركعتان وبالنسبة إلى الحاضر أربع ركعات.
إذا عرفت هذا فنقول: بعد ما دلت الأدلة الشرعية على صحة صلاة الجاهل في المقام، وفرغنا من مقام إثباته، فلنا أن نقول في تصوير ذلك ثبوتا: إنه من الممكن أن يكون مصداق الصلاة بالنسبة إلى الجاهل بوجوب القصر عبارة عن الركعتين كما في سائر المسافرين، والركعتان المزيدتان تقعان لغوا من دون أن تكون هذه الزيادة مضرة بانطباق عنوان الصلاة المأمور بها على الركعتين الأوليين، لعدم وقوعها في أثناء الصلاة إما لعدم وجوب السلام، أو لعدم جزئيته مطلقا أو في حق الجاهل. (2) فإن قلت: الجاهل قصد امتثال الأمر الإتمامي جهلا، والمفروض أن المتوجه إليه واقعا هو الأمر القصري، فما قصد ليس مأمورا به، وما هو المأمور به لم يقصد، فكيف يحكم بثبوته وتحققه؟