كون الإقامة في الضيعة أقل من عشرة.
وكيف كان فظاهر الطائفة الأولى كون المرور بالضيعة مثلا بما هو هو من القواطع، وظاهر الطائفة الثانية نقيض ذلك، فهما متهافتتان بنحو التباين، ولكن الطائفة الثالثة بمنزلة المفسر لهما، حيث فصل فيها بين صورة الاستيطان وغيرها، المتبادر من الاستيطان فيها مفهومه العرفي وقد مر توضيحه.
ولكن هنا رواية أخرى مفصلة بين صورة الاستيطان وغيرها، مع التعرض لتفسير الاستيطان أيضا، وصار هذا سببا لقول المشهور بالوطن الشرعي في مقابل الوطن العرفي، وفسروا الوطن الشرعي بالموضع الذي له فيه ملك وقد بقي فيه ستة أشهر ولو متفرقة، وربما لا يساعد الرواية لما تسالموا عليه.
وقد جعلنا الرواية طائفة رابعة في هذا الباب، فلنذكرها ثم نشرح مفادها:
فنقول: روى الشيخ بإسناده عن سعد، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسن، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يقصر في ضيعته؟ فقال: " لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام، إلا أن يكون له فيها منزل يستوطنه. " فقلت: ما الاستيطان؟ فقال: " أن يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر، فإذا كان كذلك يتم فيها متى دخلها. " وقال: وأخبرني محمد بن إسماعيل أنه صلى في ضيعته فقصر في صلاته. قال أحمد: وأخبرني علي بن إسحاق بن سعد أحمد بن محمد جميعا أن ضيعته التي قصر فيها: الحمراء. ورواه الصدوق أيضا بإسناده عن محمد بن إسماعيل بن بزيع إلى قوله: " متى دخلها. " (1) هذه جميع روايات المسألة، وقد ظهر لك أنها تسعة. وأما الروايات الأخر التي ذكرها في الوسائل في هذا الباب فلا دلالة لها على حكم المسألة، إذ محط النظر في بعضها سؤالا وجوابا إنما هو بيان مقدار المسافة الموجبة للقصر من غير نظر إلى بيان