لتفسيره مع كونها في مقام البيان مما يقرب إلى الذهن أن المراد به مفهومه العرفي، يحمل قوله في رواية ابن بزيع: " يقيم فيه ستة أشهر " على الاعتياد والاستمرار بحيث يتحقق الصدق العرفي.
فإن قلت: صدق مفهوم الوطن عرفا لا يتوقف على الإقامة في كل سنة ستة أشهر، ولا على كون الشخص مالكا في الموضع، فما وجه التحديد بالستة أشهر وتعليق الحكم في رواية عمار على المالكية؟
قلت: أما ذكر الستة أشهر فمن باب المثال، أو من جهة أن الغالب فيمن له وطنان أن يقيم في كل منهما ستة أشهر من كل سنة، والمفروض في أخبار المرور بالضيعة أن للشخص وطنا آخر غير الضيعة وقد سافر منه ومر في الأثناء إلى ضيعته، ففرض استيطانه في الضيعة يساوق كونه ذا وطنين. والحاصل أن ظهور قوله: " ستة أشهر " في دخالة خصوصية الستة يعارض ظهور قوله: " يستوطنه " في كون الاعتبار بالاستيطان العرفي. وفي مقام تعارض ظهور المفسر والمفسر وإن كان مقتضى القاعدة تقديم ظهور المفسر بالكسر لكن هذا فيما إذا لم يكن ظهور المفسر أقوى، فيما نحن فيه ظهوره في إرادة المفهوم العرفي في غاية القوة، فيجب رفع اليد عن ظهور المفسر بالكسر وحمله على كونه من باب المثال أو الغلبة.
وأما المالكية فمحمولة على الغلبة أيضا، حيث إن اتخاذ بلد مخصوص وطنا واختياره من بين البلاد لذلك إنما يتحقق غالبا بسبب وجود علاقة ملكية للشخص في هذا البلد.
هذا كله مضافا إلى أنه لما كان الوطن الأصلي لمن مر في أثناء سفره على ضيعته غير هذا الموضع الممرور به، كما أشرنا إليه آنفا، كان تعليق الإمام (عليه السلام) حكم الإتمام على الاستيطان في الضيعة موردا لاستبعاد السائل واستغرابه، لعدم تصوره كون الضيعة وطنا عرفيا لهذا المسافر مع فرض كونه متوطنا في بلد آخر، ولأجل