فيصلي فيه (1). وعن ابن عباس امسحه عنك بأذخرة أو خرقة ولا تغسله إنما هو كالبزاق [كالبصاق] (2)، ولأنه لو كان نجسا لما أجزاه الفرك، ولأنه بدء خلق آدمي فيكون طاهرا.
والجواب: لا نسلم أن الاجتزاء بالفرك ينافي التنجيس، لجواز اختصاصه في الإزالة بهذه الكيفية، ثم يمكن أن يفركه ويغسله وليس في لفظها تصريح بعدم غسله، ثم يمكن أن يكون ذلك إخبارا عن فعلها وفعلها ليس حجة لجواز أن لا يعلمه النبي صلى الله عليه وآله وخبر ابن عباس يدل على النجاسة لإيجابه إماطته ويبقى الخلاف في هذه الكيفية، فلعلها رأي رآه فلا يجب متابعته وتشبيهه بالبزاق لا يدل على الطهارة، بل لعله أراد التنبيه على خفة حكمه ولا يلزم من التشبيه عموم التشبيه. وقوله لو كان نجسا لما أجزء الفرك. قلنا لو نسلم لا بد لهذا من دليل، فإن استراح إلى استقراء النجاسات لم يعتد الاستقراء اليقين، وإن قال الماء مطهر والفرك غير مطهر، منعناه فإن طالب بالدليل أحلناه على خبره الذي احتج به على أنا نلتزم أنه لا يجزي الفرك ونوجب مع الفرك الغسل أو الغسل المغني عن الفرك.
أما قولهم بدو خلق آدمي فكلام حق، لكن لا يكفي حتى يقول وبدو خلق آدمي يجب أن يكون طاهرا، فإن قاله وقاس على الطين، قلنا لم يكن الطين طاهرا لكونه بدء خلق بل ما المانع أن يكون طهارته لا لذلك، والاتفاقيات لا تقتضي العلية وأيضا فإن النطفة تنتقل علقة وهي عنده نجسة، ويتكون منه الآدمي، وطهارة ما يكون أقرب إلى تصوير الآدمي أولى مما بعد، ولأن الإنسان بعد بلوغه درجة الكمال يتم نشوءه باغتذاء الدم النجس، وبالجملة فإن العلقة تزيل متعلقهم، مع إقراره بنجاستها فما تعلقوا به ضعيف جدا.