أن يغسله ويصلي قال: " يغسله ولا يعيد الصلاة " (1). وما ذهب إليه ابن الجنيد ضعيف، لأن كثير الدم نجس وما نجس كثيره فقليله نجس.
ويؤيد ما روى عمار عن أبي عبد الله عليه السلام " كل الطيور يتوضأ مما تشرب منه فإن رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب " (2) والذي على منقاره يقصر عن الدرهم.
فإن احتج بما روي عن عايشة أنها قالت: كان لإحدانا الدرع نرى فيه قطرة من دم فتقصعه بريقها، وفي رواية نبله بريقها ثم تقصعه بظفرها ولو كان نجسا لكان بله بالريق تكثيرا له لأن الريق ليس بمطهر.
ومن طريق الأصحاب ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام قلت: حككت جلدي فخرج منه دم فقال: " إن اجتمع قدر حمصة فاغسله وإلا فلا " (3).
والجواب لا نسلم دلالة ما ذكرته على موضع النزاع لأن قصعه بالظفر لا يقتضي الاقتصار عليه، فلعلها بعد ذلك تغسله، وخلو الرواية عن ذكر الغسل لا يدل على عدمه، وكذا قوله بلته بريقها، لأن ذلك توصل إلى إزالة ما تلجج بالثوب من عين الدم، وكذا القول في الخبر الآخر فإن الإذن في ترك غسله، لا يدل على طهارته، وإن جاز استصحابه في الصلاة. وأما ذكر الحمصة، فتأكيد في الأمر بالغسل والوجوب يتعلق بالدرهم سعة على أنه مخالف لما قدره، وسيأتي تحقيق ذلك.
مسألة: دم السمك طاهر لا يجب إزالته عن الثوب والبدن تفاحش أو لم يتفاحش، وهو مذهب علمائنا أجمع، وكذا كل دم ليس لحيوانه نفس سائلة كالبق والبراغيث، وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي في الكل بالنجاسة.