كالسحور والبرود وأما (الاستعمال) فلأن هذا المعنى مراد في صورة الاستعمال فيكون حقيقة فيه كقوله عليه السلام: (جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا) (1) ولو أراد الطاهر لم يثبت له مزية. وقوله عليه السلام (وقد سئل عن الوضوء بماء البحر؟ فقال:
هو الطهور ماؤه، الحل ميتته) (2) ولو لم يرد كونه مطهرا لم يصلح جوابه، ولأن فعولا للمبالغة ولا يتحقق هنا إلا مع إفادة التطهير، ولأنهم يقولون ماء طهور، ولا يقولون ثوب طهور، فلا بد من فائدة مختصة بالماء ولا تظهر الفائدة إلا مع إفادة التطهير واحتج الحنفي بأن فعولا تفيد المبالغة في فائدة فاعل، كما يقال: (ضروب) و (أكول) لزيادة الضرب والأكل ولا يفيد شيئا مغايرا له، وكون الماء مطهرا مغاير لمعنى الظاهر، فلا تتناوله المبالغة، ولأنهم قد يستعملون فعولا فيما لا يفيد التطهير، كقوله سبحانه: (وسقيهم ربهم شرابا طهورا) (3) وكقول الشاعر: " عذاب الثنايا ريقهن طهور " والحق عندي أن وصف الطهور بالتعدي وصف معنوي لا لفظي، لأن التعدي في الحقيقة المطهر وقد ألحقوا طهورا به إلحاقا توقيفيا لا قياسيا، وليس طهورا من مطهر بمنزلة ضروب من ضارب، لأنك تقول: هذا ضارب زيدا كما تقول ضروب زيدا، وتقول: الماء مطهر من الحدث ولا تقول: طهور من الحدث، فإذن الوجه الذي ذكره الحنفي صحيح بالنظر إلى القياس اللفظي، أما أن منع كون اللغة أو الشرع استعمله في التعدية وإن لم يكن قياسا فغير صحيح، وللطهارة أركان: الأول في المياه مسألة: " الماء المطلق " في الأصل مطهر يرفع الحدث ويزيل الخبث، يزيد " بالمطلق " ما لا يجوز سلب الماء عنه، ولو أمكن إضافته إلى ما يلازمه