للحدث مع الجنابة وقبل إتمام الغسل هو جنب ليس بشئ، لأنا نقول: هذا اللفظ نطالب به، فإن أردت أن غسل الجنابة يجزي عن الوضوء فهو مسلم بتقدير أن يأتي بغسل الجنابة كاملا، وإن قلت: لا حكم للحدث وإن اغتسل بعض الغسل فهو موضع النزاع، ويلزمه لو بقي من الغسل قدر الدرهم من جانبه الأيسر ثم تغوط، أن يكتفي من وضوئه بغسل موضع الدرهم، وهو باطل.
الثاني: في غسل الحيض، والنظر في الحيض وأحكامه: سمي " حيضا " من قولهم (حاض السيل) إذا اندفع، فكأنه لمكان قوته وشدة خروجه، وفي غالب أحواله اختص بهذا الاسم، قال الشاعر:
أجالت حصاهن الذواري وحيضت - عليهن حيضات السيول الطواحم ويجوز أن يكون من رؤية الدم، كما يقال: حاضت الأرنب، إذا رأت الدم.
وحاضت الشجرة، إذا خرج منها الصمغ الأحمر.
مسألة: " الحيض " في الأغلب أسود أو أحمر غليظ حار، له دفع، وإنما اقتصر على هذا التعريف، لأنه تميز به من غيره من الدماء عند الاشتباه. وقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " دم الحيض حار عبيط أسود " (1) وعن أبي جعفر عليه السلام " إذا رأت الدم البحراني فلتدع الصلاة " (2) والعبيط هو الطري، قال الشاعر:
تقحم الآني العبيط كما - تقحم دلوا لمحالة الجمل و " البحراني " الأحمر الشديد الحمرة والسواد، يقال: ماء جرى، وبحراني.
وعرفه الشيخ في المبسوط بأن قال: وهو الدم الذي له تعلق بانقضاء العدة، إما بظهوره أو بانقطاعه والترديد: لاستصحاب المذهبين، فهو يريد " بظهوره " على مذهب من يرى الاعتداد بالأطهار، لأن انقضاء الطهر الثالث برؤية الحيضة الثالثة و " بانقطاعه "