مسألة: ويحرم على زوجها منها موضع الدم، وهو إجماع فقهاء الإسلام، واتفقوا على جواز الاستمتاع بما فوق السرة ودون الركبة، واختلفوا في جواز الاستمتاع بما بينهما، والذي عليه جمهور الأصحاب، الإباحة، وتركه أفضل، ذهب إليه الشيخان، وقال علم الهدى في شرح الرسالة: عندنا لا يحل الاستمتاع منها إلا بما فوق الميزر، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي.
لنا قوله تعال * (فاعتزلوا النساء في المحيض) * (1) و " المحيض " موضع الحيض كالمقيل والمبيت، فيحل ما عداه بالأصل، ولا يقال: " المحيض " هو الحيض لقوله تعالى: * (يسئلونك عن المحيض قل هو أذى) * (2) وقوله: * (واللائي يئسن من الحيض من نسائكم) * (3).
لأنا نقول: لا تنازع في تسمية الحيض محيضا، بل كما يسمى الحيض بذلك يسمى به موضع الحيض، لكن يجب تنزيل آية التحريم على ما قلناه، أما أولا:
فلأنه قياس اللفظ، وأما ثانيا: فلأنه لو نزل على الحيض لزم اعتزال النساء في زمان الحيض وهو منفي بالإجماع. ولأنه يلزم من تنزيله على الحيض الإضمار، إذ لا يتعذر اعتزال النساء في نفس الأمر فيفتقر إلى الإضمار وهو الزمان، ولو نزلنا على الموضع لم يفتقر إلى الإضمار، ولما ذكر في سبب نزول هذه الآية من كون اليهود يعتزلون النساء في زمان الحيض فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك، فنزلت هذه الآية فقال النبي صلى الله عليه وآله " اصنعوا كل شئ إلا النكاح " (4) رواه مسلم.
ويؤيد ذلك من طريق الأصحاب ما رواه عبد الملك بن عمرو قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عما لصاحب المرأة الحائض منها، قال: كل شئ عدا القبل بعينه " (5)