ثم اغتسل لم يحكم بنجاسة ذلك الماء، وكذا نقول في جميع أغسال الحكمية، فإن ماء الغسل من الجنابة طاهر وإن كان الغسل يجب لخروج المني وينجس موضع خروجه، ولو اغتسل قبل غسل موضع الجنابة كان ماء الغسل نجسا لملاقاته مخرج النجاسة إجماعا، وكذلك غسل الحيض يجب عند انقطاع دم الحيض ويكون المخرج نجسا فلو اغتسلت ولما تغسل المخرج كان ماء الغسل نجسا ولو أزالته ثم اغتسلت كان ماء الغسل طاهرا. وكذا جميع الأغسال.
فقد بأن ضعف ما ذكره المتأخر، اللهم إلا أن يقول إن الميت ليس بنجس وإنما يجب الغسل تعبدا، كما هو مذهب الشافعي. لكن هذا مخالف لما ذكره الشيخ أبو جعفر رحمه الله، فإنه ذكر أنه نجس بإجماع الفرقة وقد سلم هذا المتأخر نجاسته ونجاسة ما يلاقي بدنه.
ولو قال أنا أوجب غسل ما يلاقي بدنه ولا أحكم بنجاسة ذلك الملاقي. قلنا فحينئذ يجوز استصحابه في الصلاة والطهارة به ولو كان ماءا ثم يلزم أن يكون الماء الذي يغسل به الميت طاهرا مطهرا وحينئذ يلزمك أن يكون ملاقاته مؤثرة في الثوب منعا وغسلا وغيره مؤثرة في الماء القليل وهو باطل.
السادس: " غسل من مس ميتا ".
مسألة: يجب الغسل على من غسل ميتا من الناس، وكذا يجب بمسه بعد برده وقبل تطهيره بالغسل على الأظهر. وبالوجوب قال الشيخان في المقنعة والنهاية والمبسوط وابنا بابويه وابن أبي عقيل. وبالاستحباب قال علم الهدى في شرح الرسالة والمصباح. وقال مالك وأبو حنيفة باستحباب الغسل لمن مس ميتا. وللشافعي مثل القولين، أما الغسل بمسه فقد ذكره الشيخ في الخلاف أنه لم يذهب إليه أحد من الفقهاء يعني الجمهور.
لنا ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: " من غسل ميتا اغتسل ومن حمله