والبعد، ولأن القدر المتفق عليه حصول الطهارة بهما، ومع تساويهما في التعبد وعدم النص على وجوب تقديم أحدهما يتحقق التخيير، وأما استحباب التقديم فبرواية ابن أبي عمير أيضا، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " كل غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة " (1) ولا تقوى الرواية أن تكون حجة في الوجوب، فاقتصر على الاستحباب.
الخامس: " في غسل الأموات " والنظر في أمور أربعة:
الأول: " الاحتضار ":
مسألة: استقبال القبلة بالميت واجب على أحوط القولين، هذا مذهب المفيد (ره) في المقنعة وسلار، لما روي عن علي عليه السلام قال: " دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على رجل من ولد عبد المطلب وهو في السوق وقد وجه إلى غير القبلة، فقال: وجهوه إلى القبلة، فإنكم إذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة " (2) وروى معاوية بن عمار قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الميت، قال: استقبل بباطن قدميه القبلة " (3).
وعن سليم بن خالد، عنه عليه السلام قال: " إذا مات لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة، وكذلك إذا غسل " (4) ولأنه مسنونة للمسلمين مستمرة بين الصحابة والتابعين وظاهرها الوجوب. وقال الشيخ في الخلاف يستحب أن يستقبل بها القبلة. وهو مذهب الجمهور، خلا سعيد بن المسيب فإنه أنكره.
واعلم: أن ما استدللنا به على الوجوب ضعيف، لأن التعليل في الرواية كالقرينة الدالة على الفضيلة، مع أنه أمر في واقعة معينة فلا يدل على العموم، والأخبار