من كون الوضوء في الغسل أن يكون واجبا، بل من الجائز أيكون غسل الجنابة لا يجوز فعل الوضوء فيه، وغيره يجوز، ولا يلزم من الجواز الوجوب فإذا الاستحباب أشبه.
مسألة: إن قلنا باستحباب الوضوء فلا يمضمض الميت ولا يستنشق، وبه قال أبو حنيفة. وقال الشافعي: يمضمض [الميت] ويستنشق. لنا أن ذلك لا يتيسر إلا بقلب الميت على وجهه ليخرج الماء فيه وأنفه وذلك إهانة لم يعتبرها الشرع، وربما وصل إلى جوفه فخرج في أكفانه وهو أذى فاجتنابه أولى.
مسألة: ولو خيف من تغسيله تناثر جلده يتيمم، ويستحب إمراره يد الغاسل على جسد الميت، فإن خيف من ذلك لكونه مجدورا أو محترقا اقتصر الغاسل على صب الماء من غير إمرار، ولو خيف من الصب لم يغسل ويتيمم، ذكر ذلك الشيخان في المبسوط والمقنعة والنهاية، وابن الجنيد.
وأما الأولى: فلأن الإمرار مستحب وتقطيع جلد الميت محظور فيتعين العدول إلى ما يؤمن معه تناثر الجسد.
ويؤيد هذا الاعتبار ما رواه محمد بن سنان، عن أبي خالد القماط، عن ضريس عن علي بن الحسين عليه السلام أو عن أبي جعفر قال: " المجدور والكسير والذي به القروح يصب عليه الماء صبا " (1).
وأما الثانية: فلأن التيمم طهارة لمن تعذر عليه استعمال الماء، ويؤيد ذلك ما رواه عمرو بن خالد، عن زيد بن علي عن آبائه، عن علي عليه السلام " قال: إن قوما أتوا النبي صلى الله عليه وآله فقالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وآله مات صاحب لنا وهو مجدور، فإن غسلناه انسلخ، قال: تيمموه " (2) وهذه الرواية وإن كان إسنادها ضعيفا إلا أن الأصول