واحتج المرتضى بما روي عن ابن عباس أن محرما وقصت به ناقته فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فقال: " اغسلوه بماء وسدر وكفنوه ولا تمسوه طيبا ولا تخمروا رأسه فإنه يحشر يوم القيامة ملبيا " (1).
والوجه ما ذكره الشيخان لأن مقتضى الدليل التسوية بين الموتى في التغسيل والتكفين عملا بالألفاظ المطلقة من أحاديث النبي صلى الله عليه وآله، ولأن الميت يخرج بالموت عن التكليف فيخرج به عن الإحرام، ولا ينافي ذلك قوله عليه السلام " يأتي يوم القيامة ملبيا " لأن ذلك يدل على حال الآخرة ولا يدل على حال الدنيا، ولو قيل المعنى عليه لا ينقطع إحرامه وكذا المجنون وإن خرج عن التكليف منعنا التسوية، لأن المجنون والمغمى عليه يطاف بهما، وهو دليل بقاء حكم الإحرام، وليس كذلك الميت.
ويستدل على الشافعي بما روي عن عطا أنه قال في المحرم أنه إذا مات فليخمر رأسه فإنه بلغنا أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " خمروا وجوهكم ولا تشبهوا باليهود " (2) ورواية ابن عباس يحتمل أن يكون قبل إيجاب تخمير الرأس فقد كان في صدر الإسلام ذلك مشروعا في الموتى تبعا لشرع ما تقدم، ثم نسخ بقوله خمروهم وإنما تركنا الطيب لوجهين:
أحدهما: رواية ابن عباس المذكورة فإنها تضمنت المنع من الطيب وتخمير الرأس فإذا بطل العمل بالتخمير بما ذكرناه من الاحتمال بقي الحكم الآخر سليما عن المعارض.
والثاني: رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال: سألتهما عن المحرم كيف يصنع به إذا مات قال: " يغطى وجهه ويصنع به كما صنع بالحلال