الثانية: في تغسيل الرجل زوجته قولان أحدهما الجواز، وهو اختيار علم الهدى في شرح الرسالة، والشيخ رحمه الله في الخلاف. وقال في النهاية والاستبصار لا يجوز إلا مع عدم النساء من وراء الثياب. وقال أبو حنيفة: لا يجوز لأن الموت فرقة ينقطع معهما عصمة النكاح، ويحل معها نكاح أختها وأربع غيرها فيحرم اللمس والنظر.
لنا ما روي أن عليا عليه السلام غسل فاطمة عليها الصلاة والسلام. (1) وما روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال لعايشة: " لو مت قبلي لغسلتك وكفنتك " (2) لا يقال لعل معناه أمرت بغسلك وتكفينك، لأنا نقول الظاهر في إضافة الفعل إلى الإنسان إرادة المباشرة لا الاستبانة. ومن طريق الأصحاب ما رواه صفوان عن منصور عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يخرج إلى السفر ومعه امرأته تغسلها قال: " نعم وأخته ونحو هذا ويلقي على عورتها خرقة " (3) واستدلال أبي حنيفة ضعيف، لأنا لا نسلم أن جواز نكاح الأربع والأخت تستلزم تحريم النظر واللمس فإن المرأة الحامل يموت زوجها فتضع ومع الوضع يجوز أن تنكح غيره ولا يمنعها ذلك نظر الزوج ولا غسله ولا حجة في العدة، لأنه لو طلقها باينا ثم مات فهي في عدة ولا يجوز لها تغسيله.
فرع لو طلقها ثم مات، فإن كانت رجعية فلها تغسيله، وإن كانت باينا لم يجز لأن لمسها ونظرها محرم في حال الحياة فيستصحب التحريم.
الثالثة: يجوز للمحارم أن يغسلن محارمهن، إذا لم يوجد رجال. وكذا