[...] ولا يخفى: أن هذا القول الأخير، كما سيجئ، لا مستند له، والعمدة: القولان الأولان، ومنشأهما هو اختلاف الاستظهار من الأخبار، فلابد من الرجوع إليها.
منها: صحيحة الحلبي، قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن دم البراغيث يكون في الثوب، هل يمنعه ذلك من الصلاة فيه؟ قال: لا، وإن كثر، فلا بأس - أيضا - بشبهه من الرعاف، ينضحه ولا يغسله ". (1) ربما يقال: إن هذه الصحيحة تدل على أن المعيار في القدح والمنع لو كان الدم بقدر الدرهم هو الإجتماع الفعلي، فلو كان بهذا المقدار أو زائدا عليه على تقدير الإجتماع لم يكن مانعا، لما في الصحيحة من تشبيه دم الرعاف بدم البراغيث، فتفيد أن دم الرعاف المشبه إذا كان نقطا متفرقا، كدم البراغيث المشبه به، لا يمنع من الصلاة ولو كان على تقدير الإجتماع قدر درهم، فالمعيار هو اجتماع الدم أولا، وكونه قدر الدرهم ثانيا، فلو كان مجتمعا فعلا ولم يكن على قدر الدرهم أو كان قدر الدرهم فما زاد، ولم يكن مجتمعا فعلا، لم يمنع من الصلاة.
وفيه: أن ظاهر التشبيه وقوله (عليه السلام): " فلا بأس - أيضا - بشبهه من الرعاف " يقتضي خلاف ذلك، كيف! وإن دم البراغيث لا يصل إلى قدر الدرهم بحسب العادة، فدم الرعاف الذي يكون شبهه - أيضا - كذلك.