[...] وبعبارة أخرى: لم يجئ لفظ: " دم الرعاف " في الصحيحة على وجه الإطلاق كي يقال: باحتمال وصوله إلى حد الدرهم فما زاد، بل جئ مصدرا بكلمة: " شبهه " فلايراد منه إلا خصوص ما هو شبيه بدم البراغيث، فكأنه قيل: لا بأس بدم البراغيث، ولا بأس - أيضا - بشبهه قدرا، وهو دم الرعاف.
ثم إنه لو سلمنا الإطلاق في الصحيحة وقلنا: بأنها تدل على عدم مانعية دم الرعاف عن الصلاة إذا كان متفرقا ولو كان قدر الدرهم على تقدير الإجتماع، تقع المعارضة بينها، وبين ما دل على منع هذا المقدار، وعدم العفو عنه ولو كان متفرقا، كصحيحة محمد بن مسلم المتقدمة (1) فإن مفهوم قوله (عليه السلام): " ولا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم " وكذا منطوق قوله (عليه السلام): " وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله، وصليت فيه صلاة كثيرة، فأعد ما صليت فيه " يدلان على مانعية الدم إذا كان بمقدار الدرهم أو أكثر، مطلقا وإن كان متفرقا، لعدم تقييد فيهما بالاجتماع.
ويؤكد هذا الإطلاق ما ورد فيها من السؤال بنحو المطلق، حيث قال الراوي:
" الدم يكون في الثوب علي وأنا في الصلاة " فلم يفرض فيه الإجتماع كي يقال: بحمل الجواب على ما فرض في السؤال.