[...] وقد مضى، أن أدلة العفو عن الدم الأقل، لا تعارض هذه الموثقة، لعدم الإطلاق في أدلة العفو بالإضافة إلى عنوان ما لا يؤكل لحمه، حيث إنها لم تكن بصدد بيان هذه الجهة، بل إنما هي ناظرة إلى خصوص الجهة الدمية.
ولو فرض ثبوت الإطلاق لها، لا تقاوم عموم الموثقة، لتقدم العموم على الإطلاق على ما عرفت آنفا، وقد تقدم - أيضا - أنه لو سلم تساوي العموم مع الإطلاق، لتحققت المعارضة بينهما، وكان المرجع بعد تساقطهما، عموم أدلة منع النجس أو الدم عن الصلاة.
ثم إن الفقيه الهمداني (قدس سره) أنكر عموم موثقة ابن بكير للدم رأسا، بدعوى: أن المراد من قوله (عليه السلام): " وكل شئ منه " هو ما يكون منعه ناشئا من عنوان حرمة الأكل، والدم منعه ناش من النجاسة ولو كان من حيوان حلال الأكل، وعليه، فلا تكون الموثقة حاكمة على أدلة العفو، أو معارضة لها. (1) وفيه: ما لا يخفى، إذ الدم النجس لو كان مما يؤكل لحمه يمنع من الصلاة، لأجل نجاسته ومنجسيته للثوب والبدن، ولا جهة أخرى فيه للمنع، وأما لو كان مما لا يؤكل لحمه، ففيه جهتان للمنع، إحديهما: نجاسته، والاخرى: كونه مما لا يؤكل لحمه، كما أنه لو كان من حيوان محرم الأكل وكان طاهرا، كالمتخلف في الذبيحة، يمنع من جهة واحدة كالصورة الأولى وهي جهة كونه من فضلات ما لا يؤكل لحمه. م