[...] وحاصل ما قلنا هناك تبعا لجمع من الأعلام منهم الإمام الراحل (قدس سره) (1): هو أن الخطابات الإلهية ليست شخصية كي يكون توجهها إلى ذوي الأعذار - كالجاهل والغافل - من الأمور القبيحة عند العقول السليمة، بل تكون قانونية، فتعم الناس قاطبة، بحيث إنها بالنسبة إلى جميع المكلفين، حتى ذوي الأعذار منهم، فعلية، إلا أن العقاب مرفوع عنهم دون غيرهم.
وعليه: فالخطابات القانونية شاملة لذوي الأعذار - أيضا - كسائر المكلفين وتكون الأحكام والتكاليف بالنسبة إليهم - أيضا - فعلية، وإنما المرفوع عنهم - لأجل الغفلة والجهل والعجز - هو العقاب، لا التكليف والخطاب.
فتحصل: من جميع ما ذكرنا: أن مقتضى الأدلة هو بطلان صلاة الجاهل المقصر مطلقا، سواء كان ملتفتا مترددا بين الصحة والفساد، أم كان غافلا زاعما للصحة، ولم يرد في المقام ما يقيد تلك الأدلة المطلقة إلا حديث: " لا تعاد " وهو ما ورد عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: " لا تعاد الصلاة إلا من خمسة: الطهور، و الوقت، والقبلة، والركوع، والسجود... " (2) بناءا على أن المراد من الطهارة في عقد المستثنى هي الحدثية فقط، لا الخبثية - أيضا - فقد يتخيل أن إطلاق هذا " الحديث " بعقده المستثنى منه يعم الجاهل المقصر، فلا يجب عليه الإعادة لو صلى في النجس.