[...] أما الأول: (وهو الجاهل الملتفت) فلأن الشاك في مقام الإمتثال لابد وأن يرجع بحكم العقل إلى أصل الإشتغال المقتضي لإعادة الصلاة في الوقت، أو خارجه، إذ الإشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية، فلا يجوز الإكتفاء بما هو مشكوك الصحة.
وبالجملة: كانت وظيفة الجاهل الملتفت الشاك هو الرجوع إلى الإحتياط المبرء لذمته، لكونه مخاطبا بما هو الواقع، والواقع منجز عليه حال الشك والاحتمال، فإذا تركه وصلى في النجس بطلت صلاته، حيث إنها فاقدة لشرط الطهارة أو واجدة لما هو المانع من الصحة وهو النجاسة.
وأما الثاني (وهو الجاهل الغافل): فلان الغفلة لا توجب صحة العمل برفع الشرطية أو المانعية، ولا تقتضي تغييرا في متعلق الأمر ومصب الخطاب، بأن توجب تعلقه بما هو الفاقد للشرط أو المقترن بالمانع، غاية الأمر: أنها ترفع العقاب.
وعليه: فلو ارتفعت الغفلة في الوقت تجب الإعادة، وبعده يجب القضاء، لصدق عنوان الفوت، سواء كان في الوقت تكليف، كما في العاصي العالم العامد، أم لم يكن، كما في الغافل، أو النائم أو السكران.
هذا كله بناءا على ما عليه المشهور، من عدم شمول الخطابات الإلهية للجاهلين والغافلين ونحوهما.
وأما بناءا على ما قررنا في الأصول، من أن الخطابات تتوجه إلى هؤلاء - أيضا - فالأمر أوضح.