[...] وفيه: ما لا يخفى، ضرورة عدم صدق الإعانة في الفرض ألبتة، مضافا إلى أنه يمنع عن كون فعل المعين علة تامة، أو جزءا أخيرا منها بالنسبة إلى فعل المعان مع كونه مكلفا مختارا ذا إرادة، كما هو الواضح، هذا في الإعانة.
وأما التسبيب: فيحكم فيه بحرمته لو كان السبب أقوى من المباشر، بأن يكون المباشر مسلوب الإرادة أو المغلوب إرادته، كالحيوان المرسل إلى الزرع، وكالصبي المأمور بالقتل، وكالضيف الجاهل بنجاسة الطعام، أو الماء، بلا إعلام وإخبار من المضيف.
وكذا يحكم بحرمة التسبيب لاستعمال النجس فيما تشترط فيه الطهارة الواقعية، وهي الطهارة عن الحدث، كالوضوء، أو الغسل، أو التيمم، بخلاف الطهارة عن الخبث، كاشتراط الصلاة بطهارة الثوب والبدن، فإنها تكون شرطا ذكريا لا واقعيا، كما يعلم ذلك من إفتاء الفقهاء بصحة صلاة من صلى مع ثوب أو بدن نجس جهلا، وأنه لا يجب الإعلام على من أعار ثوبا نجسا للصلاة فيه، فلا يحكم في مثله بحرمة التسبيب.
وبالجملة: لا يحرم التسبيب لاستعمال النجس في الشرائط الذكرية، كاشتراط الصلاة بطهارة البدن والثوب وإباحة المكان، فلا إثم على من قدم ثوبا نجسا لمن أراد أن يصلي، فلبسه وصلى جاهلا بنجاسته، أو أعد له مكانا غصبيا، فصلى فيه جاهلا بالغصب، كما أنه لا يجب عليه الإعلام - أيضا - هذا مما لاكلام فيه.