[...] إنما الكلام، فيما إذا كان الشرط أو المانع واقعيا يترتب على عدمه أو وجوده بطلان العمل ولو جهلا، أو كان الشئ حراما مبغوضا واقعا ولو كان الفاعل معذورا، فهل يحرم التسبيب في أمثاله أم لا؟ وجهان:
والتحقيق هو الأول، وهذا كالتسبيب للتوضؤ، أو الاغتسال بماء نجس، أو مغصوب، أو التسبيب لشرب النجس، أو الخمر، أو أكل الميتة.
والدليل على ما قلناه: هو أن قضية النواهي في أدلة المحرمات المذكورة، مبغوضية صدورها من المكلفين، وحرمة وقوعها من ناحيتهم مطلقا ولو على وجه التسبيب، فوقوع شرب الخمر وتحققه في الخارج حرام مبغوض عند الشارع من أي مكلف، وعلى أي وجه صدر، مباشرة أو تسبيبا، وكذا الوضوء بالماء النجس و الصلاة معه، فإنه حيث يوجب بطلانها ولو جهلا، يستدعي حرمة التسبيب لمثله، إذ هو مؤد إلى تفويت الغرض الذي يكون محرما.
نعم، لا حرمة للمباشر، لكونه معذورا، لأجل جهله بنجاسة الماء.
وتشهد لما ذكرنا الروايات الواردة في مورد الزيت، أو السمن النجس الآمرة بالإعلام حتى يستصبح بها المشتري، ولا يستعمله فيما يشترط بالطهارة، كالأكل:
منها: ما عن أبي بصير، قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الفأرة تقع في السمن، أو في الزيت، فتموت فيه، فقال: إن كان جامدا فتطرحها وما حولها ويؤكل ما بقي، و إن كان ذائبا فأسرج به وأعلمهم إذا بعته ". (1)