وقد اختلفت كلماتهم في ان المراد بأصالة الظهور وأصالة عدم القرينة هو الأصل المحرز للمعنى الحقيقي أو المحرز للإرادة الجدية، صرح بأولهما شيخنا العلامة على الله مقامه في باب حجية الظواهر ولعله ظاهر كلام الشيخ الأنصاري، وصرح بالثاني بعض أعاظم العصر بل لعل ظاهره رجوع الأصلين إلى امر واحد.
والتحقيق ان في المقام أصلين عقلائيين كل منهما لرفع شك حاصل في كلام المتكلم فإذا شك في مجازيته لا يعتنى به العقلاء وهذا أصل، ومع العلم بإرادة المعنى الحقيقي استعمالا إذا شك في كون الكلام صدر جدا أو لأجل تقية أو إلقاء الكلي القانوني لذكر المخصصات بعده يحمله العقلاء على الجد وهذا أصل آخر، فأصالة الحقيقة وأصالة الظهور والعموم اصطلاحات مناسبة للأول، وأصالة الجد مناسبة للثاني، وأصالة عدم القرينة تناسبهما، ولا مشاحة في الاصطلاح.
والتحقيق كما استقر رأينا عليه في مباحث الألفاظ ان موضوع الاحتجاج وان كان هو ظاهر كلام المتكلم لكن مبنى الحجة ليس أصالة عدم القرينة أو أصالة الظهور في شيء من الموارد بل مبناها أصالة عدم الخطاء والغلط وإلقاء احتمال تعمد الكذب والخيانة ببناء العقلاء في الاخبار مع الواسطة فأصالة الظهور ان ترجع إلى أصالة حجية الظهور فهي تعبير غير صحيح وان ترجع إلى أصالة بقائه فهي تعبير بملازم الشيء كما انهما كذلك لو رجعت إلى أصالة كون الظاهر مرادا استعمالا أو جدا فلا معنى لأصالة الظهور بهذا التعبير الا ان ترجع إلى أحد ما تقدم ونظائره وكيف كان فالظاهر ان المعول عليه عند العقلاء هو ظهور اللفظ وأصالة الظهور أصل عقلائي جامع لأصالة الحقيقة وأصالة العموم، بل للظهور المنعقد في الكلام بواسطة قرائن المجاز، فإذا شك في ان المتكلم ب (رأيت أسدا يرمي) أراد الرجل الشجاع الذي هو ظاهر كلامه أو غيره يتبع ظاهر كلامه المنعقد بواسطة القرينة ويكون المعول عليه أصالة الظهور، والظاهر ان أصالة عدم القرينة ليست أصلا معولا عليه في هذا الباب لا لدى الشك في القرينة ولا لدى الشك في المراد الجدي، فما أفاد المحقق الخراساني في المقام مثل ما أفاد بعض أعاظم العصر من التفصيل لا معتمد عليهما فراجع كلامهما وتدبر.