فضلا عن مزاحماتها، فالأمر بالصلاة مثلا متعلق بطبيعتها، ومقتضى الاطلاق بعد تمامية مقدماته هو كون المتعلق تمام الموضوع، ولا يعقل أن يكون الأمر بالطبيعة متعلقا بمصاديقها، كما لا يعقل أن تكون مرآة وكاشفا لها، فالأمر بها أمر واحد متعلق بواحد، ولا يتكثر حتى بعد مقدمات الاطلاق، فالأمر بكل من الضدين أمر به بلا لحاظ ضده ومزاحمه.
وبعبارة أخرى هنا أمر بهذا الضد وأمر آخر بذاك الضد، ولا يكون أمر ثالث بالجمع بينهما حتى يقال إنه تكليف محال، ومن هذا يظهر أن دعوى أنه تكليف بالمحال غير وجيهة، فإن الأمر إذا لم يتعلق بالجمع لم يكن تكليفا بالمحال، ولا تكليفا محالا، نعم لا يمكن للمكلف إطاعة الأمرين بعد امكان إطاعة كل واحد منهما، فحينئذ يحكم العقل بالتخيير مع فقد الأهمية وبالتعيين إذا كان أحدهما أهم، هذا باب المتزاحمين.
وأما في المقام فلأنه بعد معلومية عدم امتناع أصل الاشتراك بوجه لا محالة يكون اشتراك الوقت بينهما في جميع القطعات على السواء، وأن الوقت في جميعها وقت فعلى من غير فرق بين الأول والآخر والواسط.
وما قيل من الوقت الانشائي أو الاقتضائي بالنسبة إلى القطعة الأولى والأخيرة، والفعلي بالنسبة إلى سائر القطعات مسع عدم الاتيان بالظهر، وبعد الاتيان يتنجز التكليف.
مما لا أصل له ونشأ من الخلط بين الشروط، بيان ذلك أن للصلاة شروطا كالقبلة والستر والطهارة والوقت، ولصلاة العصر شرطا آخر وهو ترتبها على صلاة الظهر، ففي القطعات المتوسطة للوقت يكون مقتضى الاشتراك تحقق هذا الشرط أي الوقت فعلا، وليس معناه أن المكلف يجوز له الشروع في الصلاة بمجرده، بل بعد حصول هذا الشرط لا بد من حصول الشروط الأخر كالطهارة ونحوها، وانتظار هذه الشروط لا يوجب أن يكون الوقت شأنيا أو اقتضائيا، فإن عدم صحتها لأجل فقدان سائر الشروط لا لنقصان الوقت.