(الثاني) إن صحيحة الحلبي معارضة لصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله أنه سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل أعمى صلى على غير القبلة قال إن كان في وقت فليعد وإن كان قد مضى الوقت فلا يعد (1) والظاهر من قول الفقيه روى عن عبد الرحمن هو الرواية عنه بالطريق الذي ذكره وهو الصحيح ونحوها مرسلة الفقيه التي هي ملحقة بالصحاح وتوهم كون الإمامة دخيلة في الحكم فاسد جدا ومقتضى الجمع بينهما حمل صحيحة الحلبي على الاستحباب.
ولا ينافي ذلك ما مر منا مرارا من أن المتفاهم من الإعادة وعدمها هو كونهما كناية عن الصحة والفساد وذلك لأن ما هو كناية عن الفساد هو الأمر الالزامي فلو كان الأمر استحبابيا فلا معنى للكناية فيه ومع اقتضاء الجمع الحمل على الاستحباب ينتفي موضوع الكناية.
وعليه فيمكن الجمع بين الصحيحة والروايات المفصلة بأن يقال إن قوله (عليه السلام) يعيد إذا حمل على التكليفي فيحمل قوله (عليه السلام) لا يعيدون بالقرينة على نفي الإعادة تكليفا أيضا وهذا باطلاقه شامل للوقت وخارجه والجمع بينها وبين الروايات المفصلة ينتج نفيها في خارج الوقت لا في داخله وإنما لم نقل به سابقا لأن نفي الإعادة إذا كان كناية عن الصحة لا معنى للاطلاق فيه وأما مع الحمل على ظاهره بقرينة فلا مانع من الجمع المذكور.
(الثالث) إن صحيحة زرارة بعد ما تقدم ما في عمل الاطلاق والتقييد فيها من المحذور تكون أظهر في مفادها بل كالصريح فتقدم على ظهور الأمر في صحيحة الحلبي في اللزوم ويحمل على الاستحباب مع أن التحقيق في هيئات الأوامر عدم دلالتها وضعا على الوجوب أو الاستحباب بل لا تدل إلا على البعث نحو المأمور به كالإشارة المفهمة نعم مع عدم ورود قرينة على الترخيص يحكم العقل بلزوم الخروج عن العهدة فهيئة الأمر كالإشارة الصادرة عن المولى فحينئذ مثل الاطلاق المذكور يقدم