مقتضى الجمع بين الروايات هو الثاني فإن ما دل على أن ما بين المشرق والمغرب قبلة كله الخارج منه نفسهما حاكم على قوله (عليه السلام) لا صلاة إلا إلى القبلة (1) ونحوه فيخرج منه الصلاة إلى ما بينهما فقط ويبقى الباقي ومنه الصلاة إليهما داخلا في العمومات ومقتضى الأدلة الدالة على التفصيل بين الوقت وخارجه هو لحوق المشرق والمغرب بالاستدبار كما هو المشهور بينهم.
اللهم إلا أن يقال إن قوله (عليه السلام) بين المشرق والمغرب قبلة تعبير عادي عن قوله من الشرق إلى الغرب قبلة كما يقال بين هذا البلد وذاك عشرون فرسخا أي منه إليه كذا ألا ترى أن ما ورد في السعي بين الصفا والمروة لا يراد به إلا السعي بينهما كما قد يعبر عنه بقوله أن يطوف بهما الظاهر منه السعي منه إليه وقد ورد في روايات أنه يبدء بالصفا (2) وقد ورد في باب الأذان والصفين من الملائكة كم مقدار كل صف فقال أقله ما بين المشرق إلى المغرب (3) في بعض الروايات وما بينهما في بعض (4) فيعلم أنه لا فرق بين التعبيرين.
وتشهد بذلك صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى أنه قد انحرف عن القبلة يمينا وشمالا فقال له قد مضت صلاته وما بين المشرق والمغرب قبلة (5) فإن الانحراف عنها أعم من أن يكون يسيرا أو إلى حد اليمين والشمال والمشرق والمغرب فيستفاد من ذلك أن المراد بقوله ما بين المشرق والمغرب قبلة أنها من المشرق إلى المغرب كما هو المعهود من التعبير.
وتشهد به أيضا موثقة عمار بن موسى (6) عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل صلى على