ووجه الرابع أما في الصورة الأولى فما مر وأما في الثانية فهو أنه بعد عدم ثبوت الاطلاق في الروايات الخاصة لا مجال للتفصيل، ومقتضى حديث الرفع الصحة مطلقا، وهو حاكم على الأدلة المثبة للقبلة، كحديث لا تعاد، وصحيحة زرارة لا صلاة إلا إلى القبلة (1) ونحوهما، لأن مقتضى لا تعاد بطلان الصلاة بترك القبلة فإن ايجاب الإعادة ونفيه كناية عن البطلان والصحة كما تقدم ولسان حديث الرفع (2) رفع ما لا يعلم وفي المقام رفع شرطية القبلة وهو لسان الحكومة فكما أن قوله (عليه السلام) بين المشرق والمغرب قبلة حاكم على أدلة شرطية القبلة توسعة كذلك حديث الرفع رافع لموضوع ما ثبت البطلان لأجله بالتوسعة بنحو آخر.
فما في كلمات بعض الأعيان من حكومة حديث لا تعاد على حديث الرفع غير وجيه، كدعواه باختصاص لا تعاد بالسهو في الموضوع.
نعم هنا اشكال آخر في تحكيم حديث الرفع عليه وهو أن اخراج ما ثبت بفقرات حديث الرفع عن لا تعاد لازمه بقائه بلا مورد أو في مورد نادر الوجود ضرورة أن اخراج السهو حكما وموضوعا والنسيان والخطاء والجهل كذلك عنه لازمه ذلك، فيقع التعارض بين الحاكم والمحكوم، والمرجح أو المرجع هو الكتاب الموافق لحديث لا تعاد، ولازمه البطلان مطلقا.
والجواب عنه أن الأدلة الخاصة المفصلة بين الوقت وخارجه مخصصة لحديث الرفع لأنها وردت في مورده فعليه يكون الجهل بالموضوع والخطاء والسهو فيه داخلة في لا تعاد وخارجة عن حاكمه وأما الجهل بالحكم ونسيانه الخارجان عن الأدلة الخاصة فهما باقيان تحت حديث الرفع، واخراجهما من لا تعاد لا يوجب الاشكال المذكور.
ومما ذكرناه يظهر حال قوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة لا صلاة إلا إلى القبلة (3)