وأما إذا ذهل عن الطبيعة والأمر المتعلق بها ذهولا تاما بحيث لم تكن إرادة الجزء منبعثة عن إرادتها وصارت إرادة الجزء إما مستقلة غير تابعة أو تابعة لمبادئ أخر لم يصر جزء للطبيعة المأمور بها، بل يقع باطلا فما هو المعتبر في العبادة كون إرادة الأجزاء منبعثة بنحو ما مر عن إرادة المأمور به.
وعلى هذا فيتصور الخلل في النية بمعنى القصد من غير أن يكون الفعل الاختياري فاقدا للمبدأ أي الإرادة فيدفع الاشكال الذي يمكن أن يرد على ذلك الشرط على فرض كون النية هي الإرادة بأن إرادة الفعل لا يعقل لاخلال بها في الفعل الاختياري إذ لا يعقل وجوده إلا بها وجه الدفع أن الإرادة وإن كانت موجودة في جميع الأجزاء الموجودة اختيارا لكن ما هو المعتبر كونها ناشئة من إرادة المأمور به بالنحو الذي قلنا آنفا.
فعلى ما ذكرناه لو أوجد أجزاء الصلاة من التكبيرة إلى التسليم لله تعالى لكن لا بباعثية الإرادة المتعلقة بالطبيعة اللازم منه عدم ايجاد تلك الأجزاء أجزاء للصلاة وقعت باطلة غير مسقطة للتكليف ولو أخل بهذا القصد في الأجزاء الركنية فكذلك لأن فقد الركن موجب للبطلان وإن أخل بذاك القصد في غير الأجزاء الركنية لم يوجب إلا بطلان ذلك الجزء، فإن أمكن تداركه وجبرانه وجب وإلا صحت صلاته لقاعدة لا تعاد.
ومن ذلك يظهر أن بطلان الصلاة بفقد النية بالمعنى المذكور في جميع الأجزاء أو في الجزء الركني وعدم البطلان بفقده في غير ما ذكر ليس تخصيصا في دليل لا تعاد لا في عقد المستثنى منه ولا في عقد المستثنى.
ولو قلنا بأن النية عبارة عن الخطور بالبال على ما تقدم من احتمال استفادة ذلك من الروايات (1) الواردة في النية في احرام العمرة، أو من قوله (2) لا عمل إلا بنية و (3) إنما