عليه الكل يتعلق القصد به على نعت الكثرة لا محالة، والفرق بين الأجزاء والشروط والمقدمات الخارجية وبين الكل أن الاشتياق إليه وقصده نفسيان فهو مشتاق إليه ومقصود بذاته، وأما المقدمات مطلقا داخلية وخارجية فهي مقصودة بالتبع لا بذاتها بل لأجل حصول الغير، فهنا إرادة ذاتية متعلقة بالكل والطبيعة، وإرادات متكثرة حسب تكثر الأفعال والمقدمات متعلقة بها لأجل الغير أي الكل.
وما قد يقال من أن إرادة المقدمة ناشئة من إرادة ذي المقدمة وهي علة لها فاسد أو فيه مسامحة إن صدر عن محقق بارع.
كما أن ما يقال من أن الإرادة في أول الشروع في العمل تفصيلية وهي باقية بنحو الاجمال والارتكاز إلى آخر العمل فيه خلط فإن الإرادة بسيطة أمرها دائر بين الوجود والعدم لا التفصيل والاجمال، نعم قد تكون معلومة موردة للالتفات والتوجه، وقد تكون مغفولا عنها غير موردة لهما، وإلا فهي موجودة في كل فعل اختياري، كيف وهي علة لتحريك العضلات إلى الأفعال من غير فرق بين مورد الالتفات وعدمه ومن غير امكان عروض التفصيل والاجمال عليها لا في أول العمل ولا في أثنائه، نعم في أول العمل تكون الإرادة والعمل ملتفتا إليهما غالبا بخلاف أثنائه فإنه قد يغفل عنهما في أثناء العمل غفلة ما.
فتحصل مما مر أن الإرادة المتعلقة بالطبيعة في مثل الصلاة غير الإرادات المتعلقة بالأجزاء المحركة إلى ايجادها فحينئذ إن انبعث المكلف عن إرادة الطبيعة المأمور بها إلى ايجاد الأجزاء بالمعنى المعقول في الانبعاث لا بمعنى كون إرادة الطبيعة بنفسها محركة إلى الأجزاء بل بمعنى أن المكلف بعد علمه بالتكليف المتعلق بالطبيعة وتصديقه بوجود المصلحة في الفعل ولزوم ايجاده المستتبع لتعلق إرادته به وبعد علمه بتوقف وجوده إلى ذلك الجزء كالتكبير مثلا والتصديق بالفايدة تتعلق إرادته بايجاده فإذا أوجده بتلك المبادئ صار جزء للمأمور به سواء التفت حال الايجاد إلى الإرادة المتعلقة بالطبيعة أو الإرادة المتعلقة بالأجزاء أم لا.