يكفي فيها الشك في الاتيان بالمأمور به، فيكفي التنزيل المذكور في حكم العقل بلزوم الاتيان.
وفيه أن حكم العقل بلزوم البراءة اليقينية إنما هو مع العلم بالاشتغال والفرض أن الوقت المقرر للصلاة خارج، ومعه يسقط التكليف وينتفى موضوع الاشتغال، ومع الغض عنه أن قاعدة التجاوز حاكمة بالمضي وعدم الاعتناء بالشك، ومعها ينتفى موضوع الاشتغال، فلا بد في الحكم بالاشتغال من احراز عدم كونه موردا لقاعدة التجاوز ويكون موردا للاشتغال، وهو باحراز كون الشك في الوقت.
إن قلت تنزيل هذا المقدار من وقت المغرب منزلة وقت الظهرين لا معنى له إلا كون الشك في هذا المقدار في الاتيان بالصلاة موجبا لوجوب الاتيان بها، من دون احتياج إلى اثبات أن الشك في هذا المقدار شك في الوقت، فإن الحكم على العناوين عين الحكم على المصاديق وإنما الاختلاف بالاجمال والتفصيل، ولهذا يقال في القياس: هذه خمر وكل خمر يحرم شربها بأخذ نفس عنوان الموضوع من غير أخذ عنوان الخمر أو الشرب فيه، وفي المقام يقال: هذا المقدار من وقت المغرب وقت للظهر وكل وقت للظهر إذا شك فيه في الاتيان بها يجب الاتيان بها فيجعل نفس هذا المقدار بما هو موضوعا لوجوب الاتيان بالظهر إذا شك في الاتيان بها لا بعنوان وقت الظهر، ولا أن الشك فيه شك في الوقت.
قلت: إن عينية تنزيل وقت المغرب منزلة وقت الظهر مع كون الشك في هذا المقدار موجبا لوجوب الاتيان ممنوع، وقياس المقام بالخمر ومصاديقها في غير محله، وكيف يمكن عينية العنوانين مع كون أحدهما من الأحكام الوضعية الشرعية والآخر من حالات النفس، بل العنوانان مختلفان ولكل مصاديق مختلفة مع الآخر، وعلى ذلك لا يصح القياس الذي تشبث به.
وإن أريد بذلك أن تنزيل أحدهما عين تنزيل الآخر، فهو أيضا ممنوع، واستلزام أحد التنزيلين للآخر أول الكلام، بل لنا أن نقول في القياس المتقدم: إن الحكم الشرعي