بقاء الوقت بمقدار أقل من سعة جميع الصلاة شكا في وقت لو صليها لم تكن مؤداة لصيرورتها باطلة، فينبطق حينئذ على الاحتمال المرجوح المتقدم في قاعدة التجاوز، لكن مع أدلة القضاء والتفسير المتقدم يكون الترجيح للاحتمال الآخر المطابق لما رجحناه بل مع الغض عن التفسير المذكور تكون الصحيحة ظاهرة فيما ذكر، لأن وقت الفوت مقابل وقت الفضيلة الذي عبر فيها بأنه وقتها، والوقت من أوله إلى آخره قسم بقطعتين إحداهما الوقت والأخرى وقت الفوت وخروجه بغروب الشمس، فتحصل مما ذكر أن مقتضى قاعدة التجاوز وصحيحة زرارة أن الشك في الوقت ولو كان بمقدار بعض الركعة يعتنى به، والتجاوز ودخول الحائل بذهاب الوقت بتمامه.
إن قلت: إن الصحيحة الآمرة بالصلاة مع الشك في وقت الفوت دالة على أن الوقت واسع لها، وإلا كان الأمر بشئ غير مقدور، فلاحظ الوقت الواسع لها وفي مقابلها الوقت غير الواسع، فالشك في ذلك الوقت لا يعتنى به.
قلت: الأمر بالصلاة لا يدل على أن صلاته أداء، بل غاية ما يدل عليه أنه وجب عليه الاعتناء بشكه ولا يكون خارج الوقت فيجب الصلاة عليه ولو كان الاتيان بها خارج الوقت فمع اعتبار الشك في الوقت لو شك في الجزء الآخر من الوقت صح أن يقال: يجب عليك الصلاة فلا محالة تكون صلاته قضاء، بل قوله في الصحيحة:
فليصل ليس أمرا مولويا، لأن الصلاة لا تجب مع الاتيان بها، ومع عدمه يجب بالأمر الأول، فالأمر ارشاد إلى حكم العقل بالاشتغال.
ثم على ما بنينا من عدم جريان قاعدة التجاوز مع بقاء الوقت ولو كان أقل من ركعة، لا نحتاج إلى دليل من أدرك في الاعتناء بالشك فيما لو بقي الوقت بمقدار ادراك الركعة.
وأما لو بقي بمقدار أقل من ادراك ركعة فهل يدل دليل من أدرك على الاعتناء بالشك؟ يبتنى ذلك على أن يدل منطوق الدليل على تنزيل خارج الوقت منزلة