فحينئذ يقع اشكال، وهو أن اختلافهما في بعض الأحكام بعد اتحادهما في الصورة والحقيقة مما لا منشأ له، فكيف صارت صلاة الظهر وهي الصلاة الوسطى أفضل من سائر الصلوات، ولم اختص أول الوقت بالظهر وآخره بالعصر، ولم اشترطت العصر بوقوعها بعد الظهر إلى غير ذلك.
والذي يمكن أن يقال إن اختلاف الإضافات كثيرا ما يوجب اختلاف الأحكام عرفا وشرعا مع وحدة المضاف إليه حقيقة، فرداء رسول الله صلى الله عليه وآله و سيفه وسائر ما يضاف إليه أشرف وأفضل من غيره، ولو وجد ردائه أو سيفه لبذل فيه من الأثمان بلغت ما بلغت، وليس ذلك إلا لمجرد الإضافة إليه، وفرض المسجد لا يجوز بيعه بخلاف فرش المنزل لمجرد اختلاف الإضافة، والزمان مع كونه أمرا واحدا مستمرا لا يختلف فيه حقيقة يوم من يوم آخر ولا ليلة من ليلة أخرى لكن لما نزل القرآن المجيد في ليلة القدر أو في شهر رمضان صار زمان نزوله من أجله عظيما شريفا يمتاز عن سائر الأزمنة، وليس ذلك إلا لإضافة خاصة، وكذا الحال في الكعبة ومدينة الرسول إلى غير ذلك.
فحينئذ يمكن أن يقال: إن ساعات الأيام بواسطة القضايا الواقعة فيها صار بعضها أشرف من بعض، وما نسب إلى بعضها صار أشرف من غيره بواسطة الإضافة، وكذا يختلف الأحكام بذلك، فأربع الركعات المأمور بها في أول الظهر لأجل انتسابها إليه تختلف مع شريكتها في الأحكام والآثار الاعتبارية.
فحينئذ تمتاز الظهر عن العصر بهذه الإضافة، ولا بد من قصد العنوان وإن كان بنحو الإشارة والاجمال، كالاتيان بأربع ركعات بقصد ما في الذمة، فإن ذلك إشارة إلى ما هو الواقع المعلوم حقيقة عند الله وإن كان مجهولا عند المكلف، وهذا المقدار كاف في التعيين وقصد العنوان ولا دليل على الزائد منه.
ثم إن الإضافة إلى الظهر مثلا قد تعتبر بالنسبة إلى نفس طبيعة الصلاة وماهيتها من غير نظر إلى أجزائها فتكون إضافة واحدة لمضاف واحد، وقد تعتبر إلى أجزائها