عدم تحقق الموضوع المذكور، فاجراء أصالة عدم الاتيان إلى آخر الوقت كاف في الحكم بالقضاء.
وفيه أن دعوى وحدة العنوانين وكون أحدهما عبارة أخرى عن الآخر ممنوعة، بل الفوت مترتب على الترك في تمام الوقت، والشاهد عليه صحة قولنا ترك في تمام الوقت صلاته ففاتت منه، وعدم صحة: تركها في تمام الوقت فتركها، وكذا فاتت منه ففاتت، وكذا فاتت منه فتركها فصحة الأول عرفا وعقل عدم صحة ما عداه شاهدة على اختلافهما عنوانا وواقعا وترتب الفوت على الترك.
وما قلنا من ترتب الفوت على الترك مع كون كل منهما عدميا، نظير ما يقال: من أن عدم العلة علة لعدم المعلول، وليس المراد منه تأثير عدم في عدم، أو ترتب عدم على عدم، بل هو لبيان علية الوجود للوجود وترتب وجود على وجود وعلى أي حال بعد اختلافهما عنوانا واعتبارا، لا يصح اثبات الفوت باستصحاب الترك في تمام الوقت إلا بالأصل المثبت، وأنه من قبيل اثبات اللازم باستصحاب الملزوم في العرف وإن كان اطلاق ذلك على الأعدام مبنيا على المسامحة عقلا.
فتبين من ذلك أن تخلصه عن الأصل المثبت بدعوى كون الفوت عدميا و ليس نظير الحدوث غير مرضي لأن ميزان المثبتية محقق ولو كان العنوانان عدميين.
نظير اثبات عدم اليوم باستصحاب عدم طلوع الشمس وبالجملة بعد اختلافهما عنوانا لا يصح استصحاب أحدهما لاثبات الآخر إلا بالأصل المثبت من غير فرق بين عدميتهما أو وجودية أحدهما أو كليهما ولا بين ترتب أحدهما على الآخر وعدمه، هذا إذا قلنا بأن القضاء مترتب على الفوت، وأما إن قلنا بأنه مترتب على عدم الاتيان بالمأمور به في الوقت المقرر له فلا مانع من جريان استصحاب عدم الاتيان إلى آخر الوقت لاثباته.
إن قلت: إن الفوت مترتب على عدم الاتيان في الوقت المقرر لا على مجرد عدمه، واستصحاب عدمه في الوقت غير جار لعدم الحالة السابقة لعدم الاتيان في الوقت ظرفا أو قيدا ومثبتية استصحاب عدمه المطلق إلى آخر الوقت لاثبات عدمه في الوقت كاستصحاب سائر الأعدام الأزلية.