وفيه أنه لا يثبت بالقاعدة إلا الاعتناء بالشك بالنسبة إلى العصر على اشكال فيه أيضا، كما لا يثبت بالصحيحة إلا وجوب الاتيان بالعصر ولا بالاستصحاب إلا البناء على عدم الاتيان بها، ولا يثبت بشئ منها أن الوقت مختص بالعصر كما لا يثبت بها أن الشك في الظهر بعد الوقت لتجري القاعدة، بل ولا يثبت بها أن الوقت خارج بالنسبة إلى الظهر إلا بالأصل المثبت.
فإن قلت: إن الاختصاص بالعصر من الأحكام الوضعية الشرعية المترتبة على وجوب الاتيان بالعصر، وبعد ثبوت الاختصاص يكون عدم كون الوقت للظهر عبارة أخرى عنه لا من اللوازم حتى يكون الأصل مثبتا، وبعد الحكم شرعا بأن الوقت خارج بالنسبة إلى الظهر يكون الشك فيها خارج الوقت، فيترتب عليه أثره وهو المضي.
قلت: إن وجوب الاتيان بالعصر مترتب على الاختصاص دون العكس كما يظهر من الأدلة كمرسلة داود، فاجراء الأصل فيه لاثبات الاختصاص مثبت فإنه من اثبات الملزوم باستصحاب اللازم، ومن قبيل استصحاب الحكم لاثبات الموضوع كاستصحاب وجوب اكرام زيد لاثبات كونه عالما، مع أنه - على فرض اثبات الاختصاص والتسليم بأن كون الوقت خارجا عبارة أخرى عن الاختصاص، والغض عن عدم امكان كون أحد العنوانين عين الآخر، بل إنه من اللوازم البينة والجلية والأصل مثبت حتى في مثلها بل في الوسائط الخفية والجلية على ما هو المقرر في محله، إلا أن يدعى أن الجعل في أحدهما مستلزم للجعل في الآخر وهو كما ترى - لا شك في أن اثبات كون الشك بعد الوقت باستصحاب وجوب الاتيان بالعصر مثبت.
ثم إنه هل يمكن اثبات كون الشك في الوقت بالنسبة إلى الظهر باستصحاب بقاء وقته أما باستصحاب الشخص أو القسم الأول من الكلي إن قلنا بأن الوقت مشترك بينهما إلى الغروب إلا مع عدم الاتيان بالعصر إلى أربع ركعات بالغروب فينقلب الاشتراك إلى الاختصاص، أو قلنا بأن آخر الوقت مختص بالعصر ومع الاتيان بها قبل صلاة الظهر بوجه صحيح يستمر وقت الظهر إلى الغروب، فمع الشك في الاتيان