في مرسلة حريز عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: فصل لربك وانحر قال:
النحر الاعتدال في القيام، أن يقيم صلبه ونحره (1) وفيه أن ما في الرواية الأولى لا دلالة فيها على أن الله تعالى أوجب ذلك، بل الظاهر منها خلافه، فإن الظاهر أن الله تعالى مدح المصلين الذين يذكرون الله قياما وقعودا، وهو ظاهر في أن الحكم لم يثبت بالآية، وأما ما عن تفسير النعماني فلولا ضعفه لأمكن الاستناد إليه على تأمل، فإن استفادة ما في الحديث عن ظاهر الآية لا يخلو من اشكال، فيمكن القول بأن الاستفادة إنما هي من السنة لا من الكتاب تأمل، وأما المرسلة فمع ضعفها معارضة بروايات أخرى كصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: فصل لربك وانحر، قال: هو رفع يديك حذاء وجهك (2) وقريب منها غيرها.
ثم على فرض ثبوت اعتبار القيام بالكتاب وكونه من فرائض الله، ففي كون مطلق ذلك ناقضا للفريضة اشكال ومنع، لأن ما ثبت من ذيل لا تعاد هو أن السنة لا تنقض الفريضة، وأما أن كل فريضة ناقضة لها فلا دلالة فيه، نعم يثبت منه أن الفريضة في الجملة صالحة لنقضها أو ناقضة لها.
وربما يتوهم أن قوله في صحيحة زرارة: قال: قال أبو جعفر عليه السلام في حديث: وقم منتصبا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من لم يقم صلبه فلا صلاة له حاكم على حديث لا تعاد ومقتضى القاعدة بطلان الصلاة بترك القيام.
وفيه - بعد الغض عن أن دليل الرفع حاكم على مثل الرواية لأنه رافع لموضوعها - أن قوله: (لا صلاة له) بعد استعماله فيما يصح الصلاة مع فقده بدليل لا تعاد، سيما مع ورود مثله في الحمد مع صراحة ذيل لا تعاد بأن القراءة سنة لا تنقض الفريضة فيشمله لا تعاد بالصراحة، لا يبقى مجال لتوهم الحكومة