وأما الاحتمال الثالث فمع كونه خلاف ظواهر الأدلة ومحتاجا إلى دليل خاص يثبته، ينفيه اطلاق دليل لا تعاد، وهو كاشف عن عدم التقييد الكذائي، بل الركوع الذي فرضه الله بقوله: فاركعوا مع الراكعين (1) والسجود المفروض بقوله: يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا (2) وغيرهما هما نفس طبيعتهما لا غير، فالشروط والتقييدات الواردة في السنة لا بد وأن تكون من قبيل الاحتمال الثاني، فإن الاحتمال الأول أيضا ضعيف، حيث إن الراجع إلى الروايات الدالة على الشروط يرى أن كلها ظاهرة في اعتبارها في الركوع والسجود.
إن قلت: جملة من الروايات تدل على أن ما هو المعتبر في الصلاة هو الركوع والسجود الجامعان للشرايط، كموثقة منصور بن حازم، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني صليت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي، فقال: أليس قد أتممت الركوع والسجود قلت: بلى، قال: قد تمت صلاتك إذا كان نسيانا (3) وكرواية الدعائم عن جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال في حديث: فإن نسي القراءة فيها كلها وأتم الركوع والسجود والتكبير لم يكن عليه الإعادة (4)، وكرواية فقه الرضا فإن نسيت القراءة في صلاتك كلها ثم ذكرت فليس عليك شئ إذا أتممت الركوع (5)، فهي كما ترى ظاهرة في أن الركوع والسجود التأمين معتبران في الصلاة وإن من لم يأت بهما تأمين بطلت صلاته، فلو كانت صحيحة مع الاتيان بنفسهما ينبغي أن يقول: لو أتيت بهما تمت صلاتك.