أقول: أما روايته عن أبي عبد الله عليه السلام فكثيرة على ما حكى، وكونه من أحداث أصحابه لا ينافي رؤيته لأبي جعفر عليه السلام وروايته عنه، إذ على فرض ثبوت كونه من أحداث أصحابه فإنما هو في قبال مثل زرارة وأشباهه من الشيوخ مع أن كونه من أحداث أصحابه لم يثبت إلا بنقل بعض من تأخر عن ذلك العصر ومجرد رؤيته لأبي جعفر عليه السلام في مجلس وروايته حديثا عنه لا يستلزم صدق الصحبة حتى يعد من أصحابه، ومع احتمال ملاقاته له وروايته منه لا يجوز رد الصحيحة الظاهرة في الرواية عنه بلا وسط، فطرح أمثالها بمجرد الاحتمال غير صحيح، بل مرسلته أيضا حجة عند من قال بقيام الاجماع على تصحيح ما يصح عن مثله وأن المراد منه الحكم بالصحة من غير نظر إلى الواسطة أو تكون المرسلات منه حجة، وأن كان في الدعاوى المذكورة اشكال بل منع.
ثم إن مقتضى صحيحة علي بن جعفر (1) المتقدمة، أن تكليفه الايماء مع الأمن من الناظر حيث أمر بالايماء قائما، وهو في مورد الأمن كما هو مقتضى الجمع بين الروايات، وهي مقدمة على اطلاق أدلة الأجزاء والشرايط، وليس في قبالها إلا مرسلة أيوب بن نوح عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: العاري الذي ليس له ثوب إذا وجد حفيرة دخلها ويسجد فيها ويركع (2)، وهي غير صالحة لمعارضة تلك الرواية الصحيحة، مع أن الصحيحة موافقة للمشهور، وأما موثقة إسحاق بن عمار (3) الواردة في كيفية جماعة العراة، فهي مخصوصة بموردها، ولا دليل على إلغاء الخصوصية، نعم لولا الشهرة لم يكن الحكم بالتخيير بين الصلاة قائما موميا وبين اتمام الركوع والسجود بذلك البعد، لما تقدم من الوجه وإن كان فيه اشكال.