وروايته الأخرى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلاة، قال: يصلي عريانا قائما إن لم يره أحد، وإن رآه أحد صلى جالسا (1)، ونحوها روايات آخر.
ويمكن أن يقال: إن ما دلت على الصلاة قائما فهي على القواعد من اعتبار القيام فيها، وأما ما دلت على الجلوس فلا تدل على اللزوم ولا على التعيين، لما مر من أن الأمر عقيب الحظر أو توهمه لا يدل إلا على الجواز، وقد مر عدم الدلالة على التعيين، وعلى ذلك لا معارضة بين الطائفتين الأوليتين، وحاصل مفادهما أن التكليف الأولى هو القيام ولكن يجوز عن جلوس، بل لا اشكال في أن الأمر بالجلوس لمراعاة نحو تستر زائدا على ما هو الواجب فإن التستر بالمقدار الواجب يحصل بالقيام أيضا، فالأمر بالجلوس ليس تعبدا محضا من غير نظر إلى التستر وليس لأجل الستر اللازم، بل لمراعاة الاستتار زائدا عليه. ويمكن الاستيناس منه لعدم وجوب الجلوس حتى مع وجود الناظر وإنما شرع لمراعاة زيادة تستر في الصلاة وإن لم يجب.
ثم على فرض لزوم الجلوس عند وجود الناظر المحترم أو عدم الأمن منه، فهل الصلاة قائما مشروطة بعدم الناظر أو بالأمن منه، قد يقال: إن مقتضى ظاهر الروايات هو الأول، فإن في صحيحة ابن مسكان (2) عن أبي جعفر عليه السلام، ومرسلته (3) عن أبي عبد الله عليه السلام المتقدمتين، والمروي عن الجعفريات بإسناده عن علي عليه السلام، أنه سئل عن صلاة العريان، فقال: إذا رآه الناس صلى قاعدا وإذا كان لا يراه أحد صلى قائما (4) إلى آخره، تعليق الحكم على رؤية الناظر وعدمها لا على الأمن منه.
أقول: في صحيحة ابن مسكان (5) التي هي الأصل في المسألة احتمالات،