الجمع بين الطائفتين بالحمل على التخيير بينهما كما ذهب إليه جمع من المتأخرين، لكن على هذا تكون الصحيحة معرضا عنها لأن المسألة بين القدماء والمتأخرين ذات قولين وجوبها عريانا والتخيير بينهما، وأما لزوم الصلاة في الثوب معينا فمخالف للقولين، بل حكى عن بعض أنه لعل هذا لم يقل به أحد من الفقهاء.
ثانيهما أن يقال: إن كلا من الصلاة في الثوب والصلاة عريانا في معرض الحظر واللزوم أو توهما، وسؤال علي بن جعفر عن الأمرين إنما هو لذلك، فلا يدل الأمر مع ذلك على الوجوب المستفاد منه الشرطية ولا النهي على الحرمة المستفاد منها المانعية، فكأنه قال: يجوز الصلاة في الثوب ولا يلزم الاتيان بها عريانا فتدل على التخيير بينهما والرواية إذن شاهدة للجمع بين الأخبار.
بل على هذا الاحتمال لنا أن نقول: إن شيئا من الروايات لا يدل على الالزام، إما الطايفة الأولى فلكونها عقيب مظنة الحظر أو توهمه فلا تدل إلا على الجواز، وأما الثانية فلكونها عقيب مظنة اللزوم أو توهمه فلا تدل ألا على نفيه فيستفاد منهما التخيير الذي ذهب إليه جمع من المحققين.
هذا مضافا إلى ما بينا في الهيأة من عدم دلالتها على الوجوب والحرمة، ولا على الوجوب التعييني والعيني أو الحرمة كذلك، بل هيئة الأمر موضوعة للبعث والاغراء إلى المأمور به وهيئة النهي موضوعة للزجر عنه، نظير الإشارة المفهمة للبعث والزجر، نعم مع فقد القرينة يحكم العقل بلزوم الاتيان عينا وتعيينا في الأوامر ولزوم الترك في النواهي لتمامية الحجة فيهما كما أن الأمر كذلك في الإشارة المفهمة مع عدم الوضع فيها، وعلى ذلك يكون قيام أدنى قرينة كافيا في الصرف، بل على ذلك لا معارضة بين الطائفتين فإنها موقوفة على الدلالة على التعيين حتى ينفي كل طائفة صاحبها، ومع عدمها لا تتعارضان سيما مع عدم وجود صيغة الأمر فيهما بل هما مشتملتان على الجمل المستقبلة والماضية مما لا مصير للقول فيها بالدلالة على ما ذكر