في الصلاة تكبيرة الاحرام والركوع والسجود من غير أن يتعمد ترك شئ مما يجب عليه من حدود الصلاة ومن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة ومن نسي فلا شئ عليه (1).
هذا غاية ما يقال في تقريب التقييد واختصاص عدم الإعادة بالسهو لكن يرد عليه أن معنى التعمد عرفا وهو المستفاد من الكتاب والسنة أيضا هو اتيان الشئ أو تركه مع القصد الناشئ عن العلم بعنوان الفعل والعمل فمن قتل مؤمنا زاعما أنه كافر مهدور الدم لا يصدق في حقه أنه قتل مؤمنا متعمدا وإن صدق أنه قتل شخصا متعمدا ولا ينطبق عليه قوله تعالى: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزائه جهنم (2).
وقد ورد في الأخبار أن من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه ملة الاسلام (3) ومن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فعليه كفارة (4) إلى غير ذلك مما يشهد بأن الترك متعمدا لا ينطبق إلا مع العلم بأطراف العمل فمن قطع بأن القراءة ليست جزء الصلاة فتركها لا يكون متعمدا في ترك القراءة في الصلاة وكذا من تركها مع قيام أمارة على العدم أو حجة عليه من الأصل العقلي أو الشرعي فالترك التعمدي هو الترك مع العلم بالحكم والموضوع وإلا لم يكن متعمدا في ترك ما هو المفروض في صلاته.
وعلى هذا فمفهوم قوله إن كان متعمدا هو إن لم يكن كذلك الشامل للناسي والساهي حكما وموضوعا والجاهل بالموضوع والحكم مركبا أو بسيطا بل والمتعمد التارك لعذر شرعي أو عقلي كما لو أكره أو اضطر إلى الترك لانصراف المتعمد عن كل ما ذكر فالمفهوم دال على عدم الإعادة عليه.
وأما تخصيص النسيان بالذكر في الجملة الثانية مع أنه من مصاديق المفهوم فلأن الجهل بحكم القراءة وأنها جزء الصلاة في زمان الصدور ومن المخاطبين بتلك الروايات كان في غاية القلة فضلا عن العلم بالخلاف وأما النسيان فأمر يبتلى به عامة الناس نوعا فذكر مصداق من المفهوم في مثله متعارف.