في الأعصار اللاحقة مما يدفعه العقل ضرورة عدم امكان خطاب المعدوم أو تعلق حكم به والالتزام بانحلاله تدريجا وفي كل عصر حال وجود المكلفين لا يرجع إلى محصل.
والحق أن التشريع في الشرع الأطهر وفي غيره من المجالس العرفية ليس إلا جعل الحكم على العناوين والموضوعات ليعمل به كل من اطلع عليه في الحاضر والغابر.
فالقرآن الكريم نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وأبلغه إلى معدود من أهل زمانه وهو حجة قاطعة علينا وعلى كل مكلف اطلع عليه من غير أن يكون الخطاب منحلا إلى خطابات كثيرة حتى يلزم مراعاة أحوال كل مكلف وهو واضح.
فلا فرق بين العالم والجاهل والساهي وغيرهم بالنسبة إلى التكاليف الإلهية الأولية بعد تقييد المطلقات وتخصيص العمومات بما ورد في الكتاب والسنة كحديث الرفع ولا تعاد وغيرهما فالقول بسقوط الخطاب عن الساهي والناسي خلاف التحقيق فيسقط ما يترتب عليه مما ورد في كلام المحققين من المتأخرين.
وما قيل من أن تعذر جزء من المركب المأمور به يوجب سقوط أمره وتعلق أمره آخر بالناقص فيما لو أراد الأمر تحققه عند تعذر التام مبني على مبان فاسدة قد أشرنا إليه قبلا وحققناه في غير المقام.
هذا مضافا إلى أن العناوين المأخوذة في موضع الخطابات والأحكام سواء كانت من قبيل العمومات كقوله يا أيها الذين آمنوا والطبايع والمطلقات كقوله من آمن ونحوه لا يعقل أن تكون حالية عن الطوارئ العارضة على المكلفين من العلم والنسيان والقدرة والعجز وغيرها.
ضرورة أن اللفظ الموضوع لمعنى لا يعقل أن يحكي عن غيره في مقام الدلالة إلا مع صارف وقرينة فقوله مثلا المؤمن يفي بنذره لا يحكي إلا عن الطبيعة دون لواحقها الخارجية أو العقلية وكذا الحال في قوله يا أيها المؤمنون فإن دلالته على الأفراد ليست إلا بمعنى الدلالة على المصاديق الذاتية لطبيعة المؤمن أي الأفراد بما