ومبنى الاستدلال بالرواية للمطلوب فرض كون الدم كثيرا في الشرطية الأولى وأخذ طبيعة الدم في الشرطية الثانية ورجوع القيد إلى الأخيرة، وهو خلاف الظاهر جدا، وبالجملة الأمر بالطرح محمول على الاستحباب إن كان المراد بما لم يزد على مقدار الدرهم الدم القليل المعفو عنه، وإن أريد به غير المعفو عنه حتى يكون الأمر للوجوب كانت الشرطية الثانية مخالفة للاجماع والأخبار.
أقول: يمكن أن يقال: إن المأخوذ في الموضوع طبيعة الدم في الشرطيتين والأمر بالطرح في الأولى للاحتياط والسهولة وعدم الداعي للفحص عن حاله بأنه أقل أو أكثر، فإن الطرح لا مانع منه، فإن كان الدم من القسم غير المعفو عنه يكون رافعا للمانع، وإن كان أقل فلا اشكال في طرحه، والقيد راجع إلى الجملة الثانية، ولا اشكال فيه، وإنما أمره بالفحص عن مقداره مع انحصار الثوب لأن أمره دائر بين المحذورين، فإنه إن كان كثيرا يجب عليه غسله ولا يجوز إدامة الصلاة وإن كان قليلا لا يجوز رفع اليد عنها، وحيث كان غسل الثوب في أثناء الصلاة يوجب ارتكاب المنافيات غالبا، لم يأمر بالغسل مطلقا، بل أمر في الأولى بالطرح لعدم محذور فيه، وفي الثانية بالفحص عن مقداره فإن كان قليلا يجب عليه الاتمام بدون الغسل ولا إعادة عليه، وإن كان كثيرا لا يجوز إدامة الصلاة إلا بعد الغسل.
ثم إنه على فرض رجوع القيد إلى الجملة الثانية لا يوجب الاضطراب في الذيل سقوط الجملة الأولى عن الاستدلال بها، ومما ذكرنا يندفع الاشكالان، وتكون الجملة الأولى مستقلة قابلة للاستدلال بها على المطلوب.
ثم إنه في صحيحة زرارة خص حكم الإعادة بما إذا كان النجس مصاحبا له من الأول، ويحتمل تعميم ذلك لما إذا كان عارضا في الأثناء قبل زمان الرؤية لاحتمال اطلاق قوله: إذا شككت في موضع منه للفرضين ويحتمل عدم هذا التعميم، لكن المتيقن منه الفرض الأول وأما الاطلاق بالنسبة للعروض في حال الرؤية فلا يحتمل، وأما صحيحة محمد بن مسلم فيحتمل اختصاص الحكم فيها بوجود الدم من الأول في