في الوقت هو أنه يرى في أول الأوقات كالزوال والغروب، وهو بحسب الغالب في مورد قيام الأمارات الظنية وإن كان يحصل العلم القطعي أحيانا، والانصاف أن من علم بدخول الوقت وجدانا، أو قامت عنده الأمارات الشرعية، أو اجتهد وحصل له الظن المعتبر بحسب الشرع يصدق عليه أنه يرى أنه في وقت، والظاهر استعماله في الرواية في مطلق الكشف المعتبر فيعم العلم وسائر الحجج، وما ذكرناه غير مخالف لقول المصباح والمنجد كما يظهر بالتأمل ولعل نظر الفقهاء في طرح المسألة في الظنون إنما هو لأجل عدم تخلف الأمارات والدلالات اليقينية عن الواقع غالبا بخلاف الظنون عند فقدها.
(الثالثة) يحتمل أن تكون الصلاة التي وقعت بعضها قبل الوقت وبعضها فيه أداء، أو غير أداء، أو أداء ببعضها ولا أداء ببعض، بعد معلومية عدم كونها قضاء، لأن القضاء بحسب العرف هو ايقاعها بعد فوت الوقت، فالصلاة قبل وقتها لا أداء ولا قضاء، ولا ثمرة للبحث هنا إلا عند من يرى أن الأداء والقضاء من العناوين التي لا بد من قصدها، وكيف كان لا تدل رواية إسماعيل (1) إلا على أن الصلاة الكذائية مجزية، فالقول بأنها أداء لتوسعة الوقت تعبدا واقعا أو تنزيلا مما لا دليل عليه، كما لا دليل على تنزيل ادراك بعض الوقت منزلة ادراك الكل، فاحتمال كونها أداء ضعيف.
والاستيناس له بروايات من أدرك، بأن يقال: لا فرق في ذلك بين أول الوقت وأخره، بل في تلك الروايات قد يعبر بلفظ جازت صلاته كما يعبر بلفظ أدرك الوقت أو أدرك في الوقت لا يعبأ به كما هو ظاهر، بل الفرق بين قبل الوقت الذي لم تكن الصلاة مأمورا بها وبعد الوقت واضح، فإذا يحتمل أن تكون غير أداء بأجمعها أو أداء فيما وقع في الوقت والأمر سهل بعد كونها مجزية بحسب الرواية، وبعد عدم اعتبار قصد تلك العناوين، وإن كان الاحتمال الأول أقرب.