تنظرون (1) وقالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون. (2) فكذبهم سبحانه وقال: غلت أيديهم و.... وهذا إما إخبار عن حلول نقمته تعالى وسطواته عليهم أو دعاء عليهم بالخزي والهوان. وواضح أن دعاءه تعالى على قوم ليس كدعاء أحد على أحد حتى ينتظر استجابته، بل هو عين قضائه الحكيم وأخذه تعالى إياهم أخذ عزيز مقتدر.
وفي قوله: بلد يداه مبسوطتان إضراب عن الجواب بمثل ما قالوا، وهو كناية وتعبير عن سلطانه واقتداره المطلق وبسط يديه بجميع الأفعال المناسبة لشؤونه تعالى في خلق العالم وتقديره، فيجب الإذعان والاعتقاد على ذلك. فيكون قوله تعالى: ينفق كيف يشاء من المصاديق الخفية لهذا الإطلاق. ويكون قولهم بكونه تعالى قد فرغ من الأمر جزافا من القول ونسبة خرافية. والظاهر أن تكذيب أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم اليهود في قولهم: " قد فرغ من الأمر " مستند لهذا الإطلاق.
روى الصدوق مسندا عن إسحاق بن عمار، عمن سمعه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في قول الله عز وجل: وقالت اليهود يد الله مغلولة:
لم يعنوا أنه هكذا، ولكنهم قالوا: قد فرغ من الأمر فلا يزيد ولا ينقص.
فقال الله جل جلاله تكذيبا لقولهم، غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء. ألم تسمع الله عز وجل يقول: يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب. (3)